" صفحة رقم ٧٩ "
وقوله :( فما أوجفتم عليه ( خبر عن ( ما ) الموصولة قرن بالفاء لأن الموصول كالشرط لتضمنه معنى التسبب كما تقدم آنفاً في قوله :( فبإذن الله ( ( الحشر : ٥ ).
وهو بصريحه امتنان على المسلمين بأن الله ساق لهم أموال بني النضير دون قتال، مثل قوله تعالى :( وكفى الله المؤمنين القتال ( ( الأحزاب : ٢٥ )، ويفيد مع ذلك كناية بأن يقصد بالإِخبار عنه بأنهم لم يُوجفوا عليه لازمُ الخبر وهو أنه ليس لهم سبب حقَ فيه. والمعنى : فما هو من حقّكم، أو لا تسألوا قسمته لأنكم لم تنالوه بقتالكم ولكن الله أعطاه رسوله ( ﷺ ) نعمة منه بلا مشقة ولا نصَب.
والإِيجاف : نوع من سَير الخيل. وهو سَير سريع بإِيقاع وأريد به الركض للإِغارة لأنه يكون سريعاً.
والركابُ : اسم جمع للإِبل التي تُرْكبُ. والمعنى : ما أغرتم عليه بخيل ولا إبل.
وحرف ( على ) في قوله تعالى :( فما أوجفتم عليه ( للتعليل، وليس لتعدية ) أوجفتم ( لأن معنى الإِيجاف لا يتعدى إلى الفيء بحرف الجر، أو متعلقٌ بمحذوف هو مصدر ) أوجفتم (، أي إيجافاً لأجله.
و ) مِن ( في قوله :( من خيل ( زائدة داخلة على النكرة في سياق النفي ومدخول ) مِن ( في معنى المفعول به ل ) أوجفتم ( أي ما سقتم خيلاً ولا ركاباً.
وقوله :( ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ( استدراك على النفي الذي في قوله تعالى :( فما أوجفتم عليه ( لرفع توهم أنه لا حقّ فيه لأحد. والمراد : أن الله سلط عليه رسوله ( ﷺ ) فالرسول أحق به. وهذا التركيب يفيد قصراً معنوياً كأنه قيل : فما سلطكم الله عليهم ولكن سلط عليهم رسوله ( ﷺ )
وفي قوله تعالى :( ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ( إيجاز حذف لأن التقدير : ولكن الله سلط عليهم رسوله ( ﷺ ) والله يسلط رُسله على من يشاء وكان هذا بمنزلة التذييل لعمومه وهو دال على المقدر.


الصفحة التالية
Icon