" صفحة رقم ١٠ "
وذكر ) الذي بيده الملك ( هنا نظير ذكر مثله عقب نظيره في قوله تعالى :( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده إلى قوله : الذي له ملك السماوات والأرض ( ( الفرقان : ١ ٢ ).
والباء في ) بِيَدِهِ ( يجوز أن تكون بمعنى ( في ) مثل الباء التي تدخل على أسماء الأمكنة نحو ) ولقد نصركم الله ببدر ( ( آل عمران : ١٢٣ ) وقول امرء القيس :
بسقط اللوى
فالظرفية هنا مجازية مستعملة في معنى إحاطة قدرته بحقيقة المُلك، والمُلك على هذا اسم للحالة التي يكون صاحبها مَلِكاً.
والتعريف في ) المُلك ( على هذا الوجه تعريف الجنس الذي يشمل جميع أفراد الجنس، وهو الاستغراق فما يوجد من أفراده فرد إلاّ وهو مما في قدرة الله فهو يعطيه وهو يمنعه.
واليَد على هذا الوجه استعارة للقدرة والتصرف كما في قوله تعالى :( والسماء بنيناها بأيد ( ( الذاريات : ٤٧ ) وقول العرب : مَا لي بهذا الأمر يَدَان.
ويجوز أن تكون الباء للسببية، ويكون ) المُلكُ ( اسماً فيأتي في معناه ما قرر في الوجه المتقدم.
وتقديم المسند وهو ) بِيَدِهِ ( على المسند إليه لإفادة الاختصاص، أي الملك بيده لا بيد غيره.
وهو قصر ادعائي مبني على عدم الاعتداد بمُلك غيره، ولا بما يتراءى من إعطاء الخلفاء والملوك الأصقاع للأمراء والسلاطين وولاة العهد لأن كل ذلك مُلك غير تام لأنه لا يعمّ المملوكات كلها، ولأنه معرض للزوال، ومُلك الله هو الملك الحقيقي، قال :( فتعالى الله الملك الحق ( ( طه : ١١٤ ).
فالناس يتوهمون أمثال ذلك مُلكاً وليس كما يتوهمون.
واليد : تمثيل بأن شبهت الهيئة المعقولة المركبة من التصرف المطلق في الممكنات الموجودة والمعدومة بالإمداد والتغيير والإعدام والإيجاد ؛ بهيئة إمساك اليد بالشيء المملوك تشبيه معقول بمحسوس في المركبات.


الصفحة التالية
Icon