" صفحة رقم ١١ "
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى :( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء في ( ( سورة آل عمران : ٢٦ ).
و ) المُلك ( بضم الميم : اسم لأكمل أحوال المِلك بكسر الميم، والمِلك بالكسر جنس للمُلك بالضم، وفسر المُلك المضموم بضبط الشيء المتصرَّف فيه بالحُكم، وهو تفسير قاصر، وأرى أن يُفسر بأنه تصرف في طائفة من الناس ووطنهم تصرفاً كاملاً بتدبير ورعاية، فكل مُلك ( بالضم ) مِلك ( بالكسر ) وليس كل مِلك مُلكاً.
وقد تقدم في قوله :( مَلِك يوم الدين في ( ( الفاتحة : ٤ ) وعند قوله :( أنّى يكون له الملك علينا في ( ( سورة البقرة : ٢٤٧ )، وجملة :( وهو على كل شيء قدير ( معطوفة على جملة :( بِيده المُلك ( التي هي صلة الموصول وهي تعميم بعد تخصيص لتكميل المقصود من الصلة، إذ أفادت الصلة عموم تصرفه في الموجودات، وأفادت هذه عموم تصرفه في الموجودات والمعدومات بالإعدام للموجودات والإيجاد للمعدومات، فيكون قوله :( وهو على كل شيء قدير ( مفيداً معنى آخر غير ما أفاده قوله :( بيده الملك ( تفادياً من أن يكون معناه تأكيداً لمعنى ) بيده الملك ( وتكون هذه الجملة تتميماً للصلة. وفي معنى صلة ثانية ثمّ عطفت ولم يكرر فيها اسم موصول بخلاف قوله :( الذي خلق الموت ( ( الملك : ٢ ) وقوله :( الذي خلق سبع سموات ( ( الملك : ٣ ).
و ) شيء ( ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، وهذا هو الإطلاق الأصلي في اللغة. وقد يطلق ( الشيء ) على خصوص الموجود بحسب دلالة القرائن والمقامات. وأما التزام الأشاعرة : أن الشيء لا يطلق إلاّ على الموجود فهو التزام ما لا يلزم دعا إليه سد باب الحجاج مع المعتزلة في أن الوجود عين الموجود أو زائد على الموجود، فتفرعت عليه مسألة : أن المعدوم شيء عند جمهور المعتزلة وأن الشيء لا يطلق إلاّ على الموجود عند الأشعري وبعض المعتزلة وهي مسألة لا طائل تحتها، والخلاف فيها لفظي، والحق أنها مبنية على الاصطلاح في مسائل علم الكلام لا على تحقيق المعنى في اللغة.
وتقديم المجرور في قوله :( على كل شيء قدير ( للاهتمام بما فيه من التعميم، ولإبطال دعوى المشركين نسبتهم الإِلاهية لأصنامهم مع اعترافهم بأنها لا تقدر على خلق السموات والأرض ولا على الإحياء والإماتة.


الصفحة التالية
Icon