" صفحة رقم ١١٣ "
) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ( ( الجاثية : ٢٩ ) وقال :( إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق ( ( الأحقاف : ٣٠ ).
وافتتاح السورة بهذا اللفظ ترويع للمشركين.
و ) الحاقّة ( مبتدأ و ) مَا ( مبتدأ ثان. و ) الحاقّة ( المذكورة ثانياً خبر المبتدأ الثاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
و ) ما ( اسم استفهام مستعمل في التهويل والتعظيم كأنه قيل : أتدْري ما الحاقة ؟ أي ما هي الحاقة، أيْ شيءٌ عظيم الحاقّةُ. وإعادة اسم المبتدأ في الجملة الواقعة خبراً عنه تقوم مقام ضميره في ربط الجملة المخبر بها. وهو من الإِظهار في مقام الإِضمار لقصد ما في الاسم من التهويل. ونظيره في ذلك قوله تعالى :( وأصحابُ اليمين ما أصحابُ اليمين ( ( الواقعة : ٢٧ ).
وجملة ) ومَا أدراك ما الحاقّة ( يجوز أن تكون معترضة بين جملة ) ما الحاقّة ( وجملة ) كذبت ثمود وعاد بالقارعة ( ( الحاقة : ٤ )، والواو اعتراضية.
ويجوز أن تكون الجملة معطوفة على جملة ) ما الحاقة.
ومَا ( الثانية استفهامية، والاستفهام بها مكنَّى به عن تعذر إحاطة علم الناس بكنه الحاقّة لأن الشيء الخارج عن الحد المألوف لا يتصور بسهولة فمن شأنه أن يُتساءل عن فهمه.
والخطابُ في قوله :( وما أدراك ( لغير معيَّن. والمعنى : الحاقة أمر عظيم لا تدركون كُنْهَهُ.
وتركيب ( مَا أدراك كذا ) مما جرى مجرى المثل فلا يغير عن هذا اللفظ وهو تركيب مركب من ) ما ( الاستفهامية وفعل ( أدرى ) الذي يتعدى بهمزة التعدية إلى ثلاثة مفاعيل من باب أعلمَ وأرى، فصار فاعل فعله المجرد وهو ( دَرى ) مفعولاً أول بسبب التعدية. وقد علق فعل ) أدراك ( عن نصب مفعولين ب ) ما ( الاستفهامية الثانية في قوله :( مَا الحاقّة. ( وأصل الكلام قبل التركيب بالاستفهام أن تقول : أدركْتُ الحاقّة أمراً عظيماً، ثم صار أدْركني فلان الحاقّة أمراً عظيماً.
و ) ما ( الأولى استفهامية مستعملة في التهويل والتعظيم على طريقة المجاز المرسل