" صفحة رقم ١٣٠ "
كتابه بيمينه ( أصله صدر جملة الجواب، وهو مبتدأ خبره ) فيَقول هاؤم اقرأوا كتابيه ( كما سيأتي.
ودل قوله :( فأما من أوتي كتابه بيمينه ( على كلام محذوف للإِيجاز تقديره فيؤتى كلُّ أحد كتابَ أعماله، فأما من أوتي كتابه إلخ على طريقة قوله تعالى :( أنْ اضربْ بعصاك البحرَ فانفلق ( ( الشعراء : ٦٣ ).
والباء في قوله :( بيمينه ( للمصاحبة أو بمعنى ( في ).
وإيتاء الكتاب باليمين علامة على أنه إيتاء كرامة وتبشير، والعرب يذكرون التناول باليمين كناية عن الاهتمام بالمأخوذ والاعتزاز به، قال الشمَّاخ :
إذا مَا رايةٌ رُفِعَتْ لمجد
تلقّاها عَرابة باليمين
وقال تعالى :( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود الآية ( ( الواقعة : ٢٧ ٢٨ ) ثم قال :( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم الآية ( ( الواقعة : ٤١ ٤٢ ).
وجملة ) فيقول هَاؤُم اقروا كتابِيْه ( جواب شرط ( أمَّا ) وهو مغن عن خبر المبتدأ، وهذا القوْل قول ذي بهجة وحُبور يبعثان على إطْلاع الناس على ما في كتاب أعماله من جزاء في مقام الاغتباط والفخار، ففيه كناية عن كونه من حبور ونعيم فإن المعنى الكنائي هو الغرض الأهم من ذكر العَرْض.
و ) هاؤم ( مركب من ( هاء ) ممدوداً ومقصوراً والممدود مبني على فتح الهمزة إذا تجرد عن علامات الخطاب ما عدا الموجَّه إلى امرأة فهو بكسر الهمزة دون ياء. وإذا خوطب به أكثر من واحد التُزم مدُّه ليتأتى إلحاق علامة خطاب كالعلامة التي تلحق ضمير المخاطب وضمُّوا همزته ضمةً كضمةِ ضمير الخطاب إذ لحقتْه علامة التثنية والجمع، فيقال : هاؤُما، كما يقال : أنتما، وهاؤُمُ كما يقال : أنتم، وهاؤُنَّ كما يقال : أنتن، ومن أهل اللغة من ادعى أن ) هاؤم ( أصله : هَا أُمُّوا مركباً من كلمتين ( هَا ) وفعللِ أمر للجماعة من فعل أمَّ، إذا قصد، ثم خفف لكثرة الاستعمال، ولا يصح لأنه لم يسمع هاؤمين في خطاب جماعة النساء، وفيه لغات أخرى واستعمالات في اتصال كاف الخطاب به تقصاها الرضي في شرح ( الكافية ) وابن مكرم في ( لسان العرب ).


الصفحة التالية
Icon