" صفحة رقم ١٣٦ "
وضمير ) ليتها ( عائد إلى معلوم من السياق، أي ليت حالتي، أو ليت مصيبتي كانت القاضية.
و ) القاضية ( : الموت وهو معنى قوله تعالى :( ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ( ( النبأ : ٤٠ )، أي مقبوراً في التراب.
وجملة ) يا ليتها كانت القاضية ( من الكلام الصالح لأن يكون مثلاً لإيجازه ووفرة دلالته ورشاقة معناه عبر بها عما يقوله من أوتي كتابه بشماله من التحسر بالعبارة التي يقولها المتحسر في الدنيا بكلام عربي يؤدي المعنى المقصود. ونظيره ما حكي عنهم في قوله تعالى :( دَعَوا هنالك ثبوراً ( ( الفرقان : ١٣ ) وقوله :( يا وَيْلَتَا ليتني لم أتَّخِذْ فُلاناً خليلاً ( ( الفرقان : ٢٨ ) وقوله :( يا ويلتنا ما لهذا الكتاب الآية ( ( الكهف : ٤٩ ).
ثم أخذ يتحسر على ما فرط فيه من الخير في الدنيا بالإِقبال على ما لم يُجْدِه في العالم الأبدي فقال :( ما أغنى عني مَاليَه (، أي يقول ذلك من كان ذا مال وذا سلطان من ذلك الفريق من جميع أهل الإشراك والكفر، فما ظنك بحسرة من اتبعوهم واقتدوا بهم إذا رأوهم كذلك، وفي هذا تعريض بسادة مشركي العرب مثل أبي جهل وأمية بن خلف قال تعالى :( وذرني والمكذبين أولي النَّعمة ( ( المزمل : ١١ ).
وفي ) أغْنَى عَنّي ( الجناس الخَطِّي ولو مَع اختلاف قليل كما في قولهم ( غرّك عِزُّك فَصَار قصارى ذَلِك ذُلّك ).
ومعنى هلاك السلطان : عدم الانتفاع به يومئذٍ فهو هلاك مجازي. وضمّن ) هلك ( معنى ( غاب ) فعدي ب ( عن )، أي لم يحضرني سلطاني الذي عهدته.
والقول في هاءَات ) كتابيهْ، وحسابيهْ، وماليهْ، وسلطانيهْ (، كالقول فيما تقدم إلاّ أن حمزة وخلفاً قرآ هنا ) ما أغنى عني مالِيه هلك عني سلطانيه ( بدون هاء في حالة الوصل.
( ٣٠ ٣٧ ) ) لله ).


الصفحة التالية
Icon