" صفحة رقم ١٤١ "
إليه، تفريعاً على ما اقتضاه تكذيبهم بالبعث من التعريض بتكذيب القرآن الذي أخبَر بوقوعه، وتكذيبهم الرسول ( ﷺ ) القائل إنه موحى به إليه من الله تعالى.
وابتدىء الكلام بالقَسَم تحقيقاً لمضمونه على طريقة الأقسام الواردة في القرآن، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى :( والصافات صفاً ( ( الصافات : ١ ).
وضمير ) أُقسم ( عائد إلى الله تعالى.
جمع الله في هذا القَسَم كل ما الشأن أن يُقسَم به من الأمور العظيمة من صفات الله تعالى ومن مخلوقاته الدالة على عظيم قدرته إذ يجمع ذلك كله الصِلَتان ) بما تبصرون وما لا تبصرون (، فمما يبصرون : الأرض والجبال والبحار والنفوس البشرية والسماوات والكواكب، وما لا يبصرون : الأرواح والملائكة وأمور الآخرة.
و ) لا أقسم ( صيغة تحقيققِ قَسَم، وأصلها أنها امتناع من القسَم امتناع تحرّج من أن يحلف بالمُقْسممِ به خشية الحنث، فشاع استعمال ذلك في كل قسم يراد تحقيقه، واعتبر حرف ( لا ) كالمزيد كما تقدم عند قوله :( فلا أقسم بمواقع النجوم في سورة الواقعة، ومن المفسرين من جعل حرف ( لا ) في هذا القسم إبطالاً لكلام سابق وأنّ فعل أُقْسِم ( بعدها مستأنف، ونُقض هذا النوع بوقوع مثله في أوائل السور مثل :( لا أقسم بيوم القيامة ( ( القيامة : ١ ) و ) لا أقسم بهذا البلد ( ( البلد : ١ ).
وضمير ) إنه ( عائد إلى القرآن المفهوم من ذكر الحشر والبعث، فإن ذلك مما جاء به القرآن ومجيئه بذلك من أكبر أسباب تكذيبهم به، على أن إرادة القرآن من ضمائر الغيبة التي لا معاد لها قد تكرر غير مرة فيه.
وتأكيد الخبر بحرف ( إنَّ ) واللاممِ للرد على الذين كذبوا أن يكون القرآن من كلام الله ونسبوه إلى غير ذلك.
والمراد بالرسول الكريم محمد ( ﷺ ) كما يقتضيه عطف قوله :( ولو تَقَول علينا بعض الأقاويل ( ( الحاقة : ٤٤ )، وهذا كما وصف موسى ب ) رسول كريم في قوله تعالى : ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءَهم رسول كريم ( ( الدخان : ١٧ ) وإضافة ) قول ( إلى ) رسول ( لأنه الذي بلّغه فهو قائله، والإِضافة لأدنى ملابسة وإلاّ فالقرآن جَعَله الله تعالى وأجَراه على لسان النبي ( ﷺ ) كما صدر من جبريل بإيحائه بواسطته قال تعالى :( فإنما يسرناه بلسانك ( ( مريم : ٩٧ ).


الصفحة التالية
Icon