" صفحة رقم ١٥٨ "
فالفاء لتفريع الأمر بالصبر على جملة ) سال سائل إذا كان ذلك السؤال بمعنييه استهزاء وتعريضاً بالتكذيب فشأنه أن لا تصبر عليه النفوس في العرف.
والصبر الجميل : الصبر الحسن في نوعه وهو الذي لا يخالطه شيء مما ينافي حقيقة الصبر، أي اصبر صبراً محضاً، فإن جمال الحقائق الكاملة بخلوصها عما يعَكر معناها من بقايا أضدادها، وقد مضى قوله تعالى عن يعقوب فصبْرٌ جميل في سورة يوسف وسيجيء قوله تعالى : واهجرهم هجراً جميلاً في المزمل.
( ٦ ٧ ) ).
تعليل لجملتي ) سال سائل بعذاب واقع ( ( المعارج : ١ ) ولِجملة ) فاصبر صبراً جميلاً ( ( المعارج : ٥ )، أي سألوا استهزاء لأنهم يرونه مُحالاً وعليك بالصبر لأنا نعلم تحققهُ، أي وأنت تثق بأنه قريب، أي محقق الوقوع، وأيضاً هو تجهيل لهم إذ اغتروا بما هم فيه من الأمن ومسالمة العرب لهم ومن الحياة الناعمة فرأوا العذاب الموعود بعيداً، إن كان في الدنيا فلأمنهم، وإن كان في الآخرة فلإِنكارهم البعث، والمعنى : وأنت لا تشبه حالهم وذلك يهوِّن الصبر عليك فهو من باب ) ولا تتبع أهواءَهم ( ( المائدة : ٤٨ )، ) ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتَبَع هواه ( ( الكهف : ٢٨ ).
و ) بعيداً ( هنا كناية عن معنى الإِحالة لأنهم لا يؤمنون بوقوع العذاب الموعود به، ولكنهم عبروا عنه ببعيد تشكيكاً للمؤمنين فقد حكى الله عنهم أنهم قالوا ) أإذا متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد ( ( ق : ٣ ).
واستعمل ) قريباً ( كناية عن تحقق الوقوع على طريق المشاكلة التقديرية والمبالغة في التحقق. وبين ) بعيداً ( و ) قريباً ( محسن الطباق.
( ٨ ١٨ ) ) ).


الصفحة التالية
Icon