" صفحة رقم ١٧٦ "
من القرآن فهو موجه إليهم في المعنى كما يدل عليه تنهيته بحرف الردع فهو لا يناسب أن يكون إعلاماً للنبيء ( ﷺ ) لذلك لأنه شيء مقرر في علمه.
ومعنى ) فما للذين كفروا ( : أيُّ شيء ثبت للذين كفروا في حال كونهم عندك، أو في حال إهطاعهم إليك.
وقد تقدم عند قوله تعالى :( قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أُخرجنا من ديارنا في سورة البقرة. وتركيب ما لَه لا يخلو من حال مفردة، أو جملة بعد الاستفهام تكون هي مصبَّ الاستفهام. فيجوز أن تكون الحال المتوجه إليها الاستفهام هنا الظرف، أي قِبَلَك ( فيكون ظرفاً مستقراً وصاحب الحال هو ) للذين كفروا ). ويجوز أن تكون ) مهطعين، ( فيكون ) قِبَلَك ( ظرفاً لغْواً متعلقاً ب ) مهطعين. ( وعلى كلا الوجهين هما مثار التعجيب من حالهم فأيهما جعل محل التعجيب أجري الآخَر المُجرى اللائق به في التركيب. وكتب في المصحف اللام الداخلة على ) الذين ( مفصولة عن مدخولها وهو رسم نادر.
والإِهطاع : مد العنق عند السير كما تقدم في قوله تعالى :( مهطعين إلى الداع في سورة القمر.
قال الواحدي والبغوي وابن عطية وصاحب الكشاف ( : كان المشركون يجتمعون حول النبي ( ﷺ ) ويستمعون كلامه ويكذبونه ويستهزئون بالمؤمنين، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم. فأنزل الله هذه الآية.
وقِبَل : اسم بمعنى ( عند ).
وتقديم الظرف على ) مهطعين ( للاهتمام به لأن التعجيب من حالهم في حضرة النبي ( ﷺ ) أقوى لما فيهم من الوقاحة.
وموقع قوله :( عن اليمين وعن الشمال ( مثل موقع ) قبلك ( وموقع ) مهطعين. ( والمقصود : كثرة الجهات، أي واردين إليك.