" صفحة رقم ١٨٧ "
بأن يعلمهم بهذا العذاب، وأن الله وقَّته بمدة بقائهم على الشرك بعد إبلاغ نوح إليهم ما أُرسل به في مدة يقع الإِبلاغ في مثلها، فحذف متعلّق فعل ) أنذر ( لدلالة ما يأتي بعده من قوله :( أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون ( ( نوح : ٣ ).
وحرف ) مِنْ ( زائد للتوكيد، أي قبلَ أن يأتيهم عذاب فهي قبليَّة مؤكدة وتأكيدها باعتبار تحقيق ما أضيف إليه ) قبل ).
و ( قوم نوح ) هم الناس الذين كانوا عامرين الأرضَ يومئذٍ، إذ لا يوجد غيرهم على الأرض كما هو ظاهر حديث الشفاعة وذلك صريح ما في التوراة.
والقوم : الجماعة من الناس الذين يجمعهم موطن واحد أو نسب واحد برجالهم ونسائهم وأطفالهم.
وإضافة ( قوم ) إلى ضمير ) نوح ( لأنه أرسل إليهم فلهم مزيد اختصاص به، ولأنه واحد منهم وهم بيَن أبناءٍ لَه وأنسباءٍ فإضافتهم إلى ضميره تعريف لهم إذ لم يكن لهم اسم خاص من أسماء الأمم الواقعة من بعد.
وعُدل عن أن يقال له : أنذر الناس إلى قوله :( أنذر قومك ( إلهاباً لنفس نوح ليكون شديد الحرص على ما فيه نجاتهم من العذاب، فإن فيهم أبناءه وقرابته وأحبته، وهم عدد تكوّن بالتوالد في بني آدم في مدة ستمائة سنة من حلول جنس الإنسان على الأرض. ولعل عددهم يوم أرسل إليهم نوح لا يتجاوز بضعة آلاف.
( ٢ ٤ ).
لم تعطف جملة ) قال يا قوم ( بالفاء التفريعية على جملة ) أرسلنا نوحاً إلى قومه ( ( نوح : ١ ) لأنها في معنى البيان لجملة ) أنذر قومك ( ( نوح : ١ ) لدلالتها على أنه أنذر قومه بما أمره الله أن يقوله لهم، وإنما أُدمج فيه فعل قول نوح للدلالة على أنه أُمر أن يقول فقال، تنبيهاً على مبادرة نوح لإِنذار قومه في حين يلوغ الوحي إليه من الله بأن ينذر قومه.


الصفحة التالية
Icon