" صفحة رقم ٢٠٨ "
لبعض : ودّ، وسُوّاع، ويَغُوث، ويَعُوق، ونَسْر، هذه أصنام قوم نوح، وبهذا تَعْلَم أن أسماءها غيرُ جارية على اشتقاق الكلمات العربية، وفي واو ( وُدّ ) لغتان للعرب منهم من يضم الواو، وبه قرأ نافع وأبو جعفر. ومنهم من يفتح الواو وكذلك قرأ الباقون.
روى البخاري عن ابن عباس :( ودُّ وسُواع ويغوث ويَعُوق ونَسْرٌ : أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم انصِبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسَمُّوها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عُبدت )، وعن محمد بن كعب : هي أسماء أبناء خمسة لآدم عليه السلام وكانوا عُبّاداً. وعن الماوردي أن ) ودّاً ( أول صنم معبود.
والآية تقتضي أن هذه الأنصاب عُبدت قبل الطوفان وقد قال بعض المفسرين : إن هذه الأصنام أقيمت لبعض الصلحاء من أولاد آدم. وقال بعضهم : كانوا أصناماً بين زمن آدم وزمن نوح.
ولا يلتئم هذا مع حدوث الطوفان إذ لا بد أن يكون جرفها وخلص البشرُ من الإِشراك بعد الطوفان، ومع وجود هذه الأسماء في قبائل العرب إلى زمن البعثة المحمدية، فقد كان في دومة الجندل بلاد كلب صنم اسمه ( وُدّ ). قيل كان على صورة رجل وكان من صُفر ورصاص وكان على صورة امرأة، وكان لهذيل صنم اسمه ( سواع ) وكان لمُراد وغُطيففٍ ( بغين معجمة وطاء مهملة ) بطننٍ من مراد بالجوف عندَ سبأ صنم اسمه ) يغوث (، وكان أيضاً لغطفان وأخذته ( أنعمُ وأعلَى ) وهما من طيء وأهلُ جرش من مذحج فذهبوا به إلى مُراد فعبدوه، ثم إن بني ناجية راموا نزعه من أعلى وأنعُم ففروا به إلى الحُصين أخي بني الحارث من خزاعة. قال أبو عثمان النهدي : رأيت يَغوث من رَصاص وكانوا يحملونه على جَمَل أحْرَد ( بالحاء المهملة، أي يخبط بيديه إذا مشى ) ويسيرون معه ولا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل فيضربون عليه بناءً ينزلون حوله.
وكان يغوث على صورة أسد.
وكان لهْمدان صنم اسمه ) يعوق ( وهو على صورة فَرَس، وكان لكهلان من سبأ ثم توارثه بنوه حتى صار إلى همدان.


الصفحة التالية
Icon