" صفحة رقم ٢٢٠ "
الآيات فتذكير بما في هذه الآية أو هي إشارة إلى قصة أخرى رواها عبد الله بن مسعود وهي في صحيح مسلم ( في أحاديث القراءة في الصلوات ولا علاقة لها بهذه الآية.
وقوله :( أنه استمع نفر من الجن ( في موضع نائب فاعل ) أوحي ( أي أوحي إلي استماع نفر. وتأكيد الخبر الموحَى بحرف ( أن ) للاهتمام به لغرابته.
وضمير ) أنه ( ضمير الشأن وخبره جملة ) استمع نفر من الجن ( وفي ذلك زيادة اهتمام بالخبر الموحى به.
ومفعول ) استمع ( محذوف دل عليه ) إنَّا سمعنا قرآنا (، أي استمع القرآن نفر من الجن.
والنفَر : الجماعة من واحد إلى عشرة وأصله في اللغة لجماعة من البشر فأطلق على جماعة من الجن على وجه التشبيه إذ ليس في اللغة لفظ آخر كما أطلق رجال في قوله :( يعوذون برجال من الجن ( ( الجن : ٦ ) على شخوص الجن. وقولهم :( إنا سمعنا قرآنا عجباً ( قالوه لبعض منهم لم يحضر لاستماع القرآن ألهمهم الله أن ينذروهم ويرشدوهم إلى الصلاح قال تعالى في سورة الأحقاف ( ٢٩، ٣٠ ) ) وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولّوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً الآيات.
ومعنى القَول هنا : إبلاغُ مرادهم إلى من يريدون أن يبلِّغوه إليهم من نوعهم بالكيفية التي يتفاهمون بها، إذ ليس للجن ألفاظ تجري على الألسن فيما يظهر، فالقول هنا مستعار للتعبير عما في النفس مثل قوله تعالى : قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ( ( النمل : ١٨ ) فيكون ذلك تكريماً لهذا الدِّين أن جعل الله له دعاة من الثقلين.
ويجوز أن يكون قولاً نفسياً، أي خواطر جالت في مدركاتهم جولان القول الذي ينبعث عن إرادةِ صاحب الإِدراك به إبلاغَ مدركاته لغيره، فإن مثل ذلك يعبر عنه بالقول كما في بيت النابغة يتحدث عن كلب صيد :
قالتْ له النفسُ إني لا أرى طمعاً
وإن مولاك لم يَسلم ولم يَصِد