" صفحة رقم ٢٣٧ "
أن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول فيَّ ؟ قال : قَاسط عَادِل، فقال القومُ : مَا أحسَنَ ما قالَ حسبوا أنه وصفه بالقِسط ( بكسر القاف ) والعدل، فقال الحجاج : يا جَهلة إنه سمّاني ظالماً مشركاً وتلا لهم قوله تعالى :( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً ( وقولَه تعالى :( ثم الذين كفروا بربّهم يعدلون ( ( الأنعام : ١ ) اه.
وشبه حلول الكافرين في جهنم بحلول الحطب في النار على طريقة التمليح والتحقير، أي هم لجهلهم كالحطب الذي لا يعقل كقوله تعالى :( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ( ( البقرة : ٢٤ ).
وإقحام فعل ( كانوا ) لتحقيق مصيرهم إلى النّار حتى كأنهم كانوا كذلك من زمن مضى.
( ١٦ ١٧ ).
اتفق القراء العشرة على فتح همزة :( أن لو استقاموا (، فجملة ) أن لوِ استقاموا ( معطوفة على جملة ) أنه استمع نفر من الجن ( ( الجن : ١ )، والواو من الحكاية لا من المحكي، فمضمونها شأن ثاننٍ مما أوحي إلى النبي ( ﷺ ) وأمره الله أن يقوله للناس. والتقدير : وأوحي إليّ أنه لو استقام القاسطون فأسلموا لما أصابهم الله بإمساك الغيث.
و ) أن ( مخففة من الثقيلة، وجيء ب ) أن ( المفتوحة الهمزة لأن ما بعدها معمول لفعل ) أوحي ( ( الجن : ١ ) فهو في تأويل المصدر، واسمها محذوف وهو ضمير الشأن وخبره ) لو استقاموا ( إلى آخر الجملة. وسبك الكلام : أوحي إليَّ إسقاءُ الله إياهم ماء في فرض استقامتهم.
وضمير ) استقاموا ( يجوز أن يعود إلى القاسطين بدون اعتبار القيد بأنهم من الجن وهو من عود الضمير إلى اللفظ مجرداً عن مَا صْدَقِه كقولك : عندي درهم ونصفه، أي نصف درهم آخر.


الصفحة التالية
Icon