" صفحة رقم ٢٦٢ "
العلماء من فقهاء ومتكلمين وبلغاء ولغويين وحكماء فشابه الشيء الثقيل في أنه لا يقوى الواحد على الاستقلال بمعانيه.
وتأكيد هذا الخبر بحرف التأكيد للاهتمام به وإشعار الرسول ( ﷺ ) بتأكيد قربه واستمراره، ليكون وروده أسهل عليه من ورود الأمر المفاجىء.
تعليل لتخصيص زمن الليل بالقيام فيه فهي مرتبطة بجملة ) قم الليل ( ( المزمل : ٢ )، أي قم الليل لأن ناشئته أشد وطْأً وأقوم قيلا.
والمعنى : أن في قيام الليل تزكية وتصفية لسرّك وارتقاء بك إلى المراقي الملكية.
و ) ناشئة ( وصف من النشء وهو الحدوث. وقد جرى هذا الوصف هنا على غير موصوف، وأضيف إلى الليل إضافة على معنى ( في ) مثل ( مَكَر الليل )، وجعل من أقوم القيل، فعُلم أن فيه قولاً وقد سبقه الأمر بقيام الليل وترتيل القرآن، فتعين أن موصوفه المحذوف هو صلاة، أي الصلاة الناشئة في الليل، فإن الصلاة تشتمل على أفعال وأقوال وهي قيام.
ووصف الصلاة بالناشئة لأنها أنشأها المصلي فنشأت بعدَ هدأة الليل فأشبهت السحابة التي تتنشأ من الأفق بعد صحو، وإذا كانت الصلاة بعد نوم فمعنى النشْء فيها أقوى، ولذلك فسرتها عائشة بالقيام بعد النوم، وفسر ابن عباس ) ناشئة الليل ( بصلاة الليل كلها. واختاره مالك. وعن علي بن الحسين : أنها ما بين المغرب والعشاء. وعن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير : أن أصل هذا معرب عن الحبشة، وقد عدها السبكي في ( منظومته ) في معربات القرآن.
وإيثار لفظ ) ناشئة ( في هذه الآية دون غيره من نحو : قيامَ أو تَهَجُدَ، لأجل ما يحتمله من هذه المعاني ليأخذ الناس فيه بالاجتهاد.
وقرأ جمهور العشرة ) وَطأً ( بفتح الواو وسكون الطاء بعدها همزة، والوطء : أصله وضع الرجل على الأرض، وهو هنا مستعار لمعنى يناسب أن يكون شأناً للظلام بالليل، فيجوز أن يكون الوطء استعير لفعل من أفعال المصلي على نحو إسناد المصدر إلى فاعله، أي وَاطِئاً أنتَ، فهو مستعار لتمكن المصلي من الصلاة