" صفحة رقم ٢٧٦ "
والانفطار : التشقق الذي يحدث في السماء لنزول الملائكة وصعودهم كما تقدم في قوله تعالى :( تعرج الملائكة والروح إليه في سورة المعارج.
وذكر انفطار السماء في ذلك اليوم زيادة في تهويل أحواله لأن ذلك يزيد المهددين رعباً وإن لم يكن انفطار السماء من آثار أعمالهم ولا لَه أثر في زيادة نكالهم.
ويجوز أن تجعل جملة السماء منفطر به ( مستأنفة معترضة بين جملة ) فكيف تتقون ( الخ، وجملة ) كان وعده مفعولاً ( والباء للسببية ويكون الضمير المجرور بالباء عائداً إلى الكفر المأخوذ من فعل ) كفرتم.
ويجوز أن يكون الإِخبار بانفطار السماء على طريقة التشبيه البليغ، أي كالمنفطر به فيكون المعنى كقوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدَّاً يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً ( ( مريم : ٨٨ ٩٠ ).
ووصف السماء بمنفطر بصيغة التذكير مع أن السماء في اللغة من الأسماء المعتبرة مؤنثة في الشائع. قال الفراء : السماء تذكَّر على التأويل بالسقف لأن أصل تسميتها سماءً على التشبيه بالسقف، أي والسقف مُذكر والسماء مؤنث. وتبعه الجوهري وابن برّي. وأنشد الجوهري على ذلك قول الشاعر :
فلو رَفع السماءُ إليه قوماً
لحقنا بالسماء مع السحاب
وأنشد ابن برّي أيضاً في تذكير السماء بمعنى السقف قول الآخر :
وقالت سماءُ البيت فوقَك مُخْلَقٌ
ولمَّا تَيَسَّر اجْتِلاَءُ الركَائب
ولا ندري مقدار صحة هاذين الشاهدين من العربية على أنه قد يكونان من ضرورة الشعر. وقيل : إذا كان الاسم غير حقيقي التأنيث جاز إجراء وصفه على التذكير فلا تلحقه هاء التأنيث قياساً على الفعل المسند للمؤنث غير حقيقي التأنيث في جواز اقترانه بتاء التأنيث وتجريده منها، إجراء للوصف مجرى الفعل وهو وجيه.
ولعل العدول في الآية عن الاستعمال الشائع في الكلام الفصيح في إجراء السماء على التأنيث، إلى التذكير إيثاراً لتخفيف الوصف لأنه لما جيء به بصيغة


الصفحة التالية
Icon