" صفحة رقم ٢٧٧ "
منفعل بحرفي زيادة وهما الميم والنون كانت الكلمة معرضة للثقل إذا ألحق بها حرف زائد آخر ثالث، وهو هاء التأنيث فيحصل فيها ثقل يجنَّبه الكلام البالغ غاية الفصاحة ألا ترى أنها لم تجر على التذكير في قوله :( إذا السماء انفطرت ( ( الانفطار : ١ ) إذ ليس في الفعل إلاّ حرف مزيد واحد وهو النون إذ لا اعتداد بهمزة الوصل لأنها ساقطة في حالة الوصل، فجاءت بعدها تاء التأنيث.
وجملة ) كان وعده مفعولاً ( صفة أخرى ل ) يوماً، ( وهذا الوصف إدماج للتصريح بتحقيق وقوع ذلك اليوم بعد الإِنذار به الذي هو مقتض لوقوعه بطريق الكناية استقصاء في إبلاغ ذلك إلى علمهم وفي قطع معذرتهم.
وضمير ) وعده ( عائد إلى ) يوماً ( الموصوف، وإضافة ( وعد ) إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله على التوسع، أي الوعد به، أي بوقوعه.
تذييل أي تذكرة لمن يتذكر فإن كان من منكري البعث آمن به وإن كان مؤمناً استفاق من بعض الغفلة التي تعرض للمؤمن فاستدرك ما فاته، وبهذا العموم الشامل لأحوال المتحدث عنهم وأحوال غيرهم كانت الجملة تذييلاً.
والإِشارة ب ) هذه ( إلى الآيات المتقدمة من قوله :( إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم ( ( المزمل : ١٥ ).
وتأكيد الكلام بحرف التأكيد لأن المواجَهين به ابتداءً هم منكرون كون القرآن تذكرة وهدًى فإنهم كذبوا بأنه من عند الله ووسموه بالسحر وبالأساطير، وذلك من أقوالهم التي أرشد رسول الله ( ﷺ ) إلى الصبر عليها قال تعالى :( واصبر على ما يقولون ( ( المزمل : ١٠ ).
والتذكِرة : اسم لمصدر الذُكر بضم الذال، الذي هو خطور الشيء في البال، فالتذكرة : الموعظة لأنه تذكر الغافل عن سوء العواقب، وهذا تنويه بآيات القرآن وتجديد للتحريض على التدبر فيه والتفكر على طريقة التعريض.