" صفحة رقم ٢٨١ "
وإيثار المضارع في قوله :( يعلم ( للدلالة على استمرار ذلك العلم وتجدده وذلك إيذان بأنه بمحل الرضى منه.
وفي ضده قوله :( قد يعلم الله المعوقين منكم ( ( الأحزاب : ١٨ ) لأنه في معرض التوبيخ، أي لم يزل عالماً بذلك حيناً فحيناً لا يخفى عليه منه حصة.
و ) أدْنى ( أصله أقرب، من الدنُوّ، استعير للأَقَلّ لأن المسافة التي بين الشيء والأدنى منه قليلة، وكذلك يستعار الأبعد للأكثر.
وهو منصوب على الظرفيّة لفعل ) تقوم (، أي تقوم في زمان يقدر أقل من ثلثي الليل وذلك ما يزيد على نصف الليل وهو ما اقتضاه قوله تعالى :( أو زد عليه ( ( المزمل : ٤ ).
وقرأ الجمهور :( ثُلثي ( بضم اللام على الأصل. وقرأه هشام عن ابن عامر بسكون اللام على التخفيف لأنه عرض له بعض الثقل بسبب التثنية.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ) ونصفَه وثلثَه ( بخفضهما عطفاً على ) ثلثي الليل (، أي أدنى من نصفه وأدنى من ثلثه.
وقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وخلف بنصب ) ونصفه وثلثه ( على أنهما منصوبان على المفعول ل ) تقومُ (، أي تقوم ثلثي الليل، وتقوم نصف الليل، وتقوم ثلثَ الليل، بحيث لا ينقص عن النصف وعن الثلث. وهذه أحوال مختلفة في قيام النبي ( ﷺ ) بالليل تابعة لاختلاف أحوال الليالي والأيام في طول بعضها وقصر بعض وكلها داخلة تحت التخيير الذي خيره الله في قوله ) قم الليل إلاّ قليلاً ( ( المزمل : ٢ ) إلى قوله :( أو زد عليه ( ( المزمل : ٤ ).
وبه تظهر مناسبة تعقيب هذه الجملة بالجملة المعترضة، وهي جملة ) والله يقدر الليل والنهار ( أي قد علمها الله كلها وأنبأه بها. فلا يختلف المقصود باختلاف القراءات. فمن العجاب قول الفرّاء أن النصب أشبه بالصواب.
و ) طائفة ( عطف على اسم ) إنَّ ( بالرفع وهو وجه جائز إذا كان بعدَ ذكرِ خبرِ ) إنّ ( لأنه يقدر رفعه حينئذٍ على الاستئناف كما في قوله تعالى :( أن الله بريء من المشركين ورسوله ( ( التوبة : ٣ ). وهو من اللطائف إذا كان اتصاف الاسم والمعطوف