" صفحة رقم ٢٩٩ "
لمكارم الأخلاق فقد قالت له خديجة في حديث بدء الوحي ( إنك تحمل الكل وتكسب المعدوم ). ففي هذه الآية إيماء إلى التصدق، كما كان فيها إيماء إلى الصلاة، ومن عادة القرآن الجمع بين الصلاة والزكاة.
والمنّ : تذكير المنعِم المنعَمَ عليه بإنعامه.
والاستكثار : عدّ الشيء كثيراً، أي لا تستعظم ما تعطيه.
وهذا النهي يفيد تعميم كل استكثار كيفما كان ما يعطيه من الكثرة. وللأسبقين من المفسرين تفسيرات لمعنى ) ولا تمنن تستكثر ( ليس شيء منها بمناسب، وقد أنهاها القرطبي إلى أحد عشر.
و ) تستكثر ( جملة في موضع الحال من ضمير ) تمنن ( وهي حال مقدرة.
تثبيت للنبيء ( ﷺ ) على تحمل ما يلقاه من أذى المشركين وعلى مشاقّ الدعوة.
والصبر : ثبات النفس وتحملها المشاق والآلام ونحوها.
ومصدر الصبر وما يشتق منه يتضمن معنى التحمّل للشيء الشاقّ.
ويعدّى فعل الصبر إلى اسم الذي يتحمله الصابر بحرف ( على )، يقال : صبر على الأذى. ويتضمن معنى الخضوع للشيء الشاق فيعدى إلى اسم ما يتحمله الصابر باللام. ومناسبة المقام ترجح إحدى التعديتين، فلا يقال : اصبر على الله، ويقال : اصبر على حكم الله، أو لحكم الله. فيجوز أن تكون اللام في قوله ) لربّك ( لتعدية فعل الصبر على تقدير مضاف، أي اصبر لأمره وتكاليف وحيه كما قال :( واصبر لحكم ربّك فإنك بأعيننا في سورة الطور وقوله : فاصبر لحكم ربّك ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً في سورة الإِنسان فيناسب نداءه ب يا أيها المدثر ( ( المدثر : ١ ) لأنه تدثر من شدة وقع رؤية المَلك، وتركُ ذكر المضاف لتذهب النفس إلى كل ما هو من شأن المضاف إليه مما يتعلق بالمخاطب.