" صفحة رقم ٣١٦ "
قال : وبم غلبوا قال : سألهم يهودُ : هل يعلم نبيئكم عدد خزنة النار، قال : فما قالوا ؟ قال : قالوا لا ندري حتى نسأل نبيئنا، قال : أفغُلب قوم سُئلوا عما لا يعلمون ؟ فقالوا : لا نعلم حتى نسأل نبيئنا إلى أن قال جابر : فلما جاءوا قالوا : يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم ؟ قال. هكذا وهكذا في مرة عشرة وفي مرة عشرة وفي مرة تسع ( بإشارة الأصابع ) قالوا : نعم الخ. وليس في هذا ما يُلجىء إلى اعتبار هذه الآية نازلة بالمدينة كما روي عن قتادة لأن المراجعة بين المشركين واليهود في أخبار القرآن مألوفة من وقت كون النبي ( ﷺ ) في مكة.
قال أبوبكر ابن العربي في ( العارضة ) : حديث جابر صحيح والآية التي فيها ) عليها تسعةَ عشر ( ( المدثر : ٣٠ ) مكية بإجماع، فكيف تقول اليهود هذا ويدعوهم النبي للجواب وذلك كان بالمدينة، فيحتمل أن الصحابة قالوا : لا نعلم، لأنهم لم يكونوا قرأوا الآية ولا كانت انتشرت عندهم ( أي لأنهم كانوا من الأنصار الذين لم يتلقوا هذه الآية من سورة المدثر لبعد عهد نزولها بمكة وكان الذين يجتمعون باليهود ويسألهم اليهود هم الأنصار. قال : ويحتمل أن الصحابة لم يمكنهم أن يعينوا أن التسعة عشر هم الخزنة دون أن يعيِّنهم الله حتى صرح به النبي ( ﷺ ) اه. فقد ظهر مصداق قوله تعالى :( ليستيقن الذين أُوتوا الكتاب ( بعد سنين من وقت نزوله.
ومعنى ) ويزداد الذين ءامنوا إيماناً ( أنهم يؤمنون به في جملة ما يؤمنون به من الغيب فيزداد في عقولهم جُزئيّ في جزئيات حقيقة إيمانهم بالغيب، فهي زيادة كمية لا كيفية لأن حقيقة الإِيمان التصديق والجزم وذلك لا يقبل الزيادة، وبمثل هذا يكون تأويل كل ما ورد في زيادة الإِيمان من أقوال الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.
وقوله :( ولا يرتاب الذين أُوتوا الكتاب والمؤمنون ( عطف على ) ليستيقن الذين أوتوا الكتاب، ( أي لينتفي عنهم الريب فلا تعتورهم شبهة من بعد علمه لأنه إيقان عن دليل. وإن كان الفريقان في العمل بعلمهم متفاوتين، فالمؤمنون علموا وعَملوا، والذين أُوتوا الكتاب علموا وعاندوا فكان علمهم حجة عليهم وحسرة في نفوسهم.
والمقصود من ذكره التمهيد لذكر مكابرة الذين في قلوبهم مرض والكافرين في


الصفحة التالية
Icon