" صفحة رقم ٣٣٨ "
كما تقدم عند قوله تعالى :( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربياً في سورة الزخرف ( ١ ٣ ).
وصيغة لا أقسم ( صيغة قسم، أدخل حرف النفي على فعل ) أقسم ( لقصد المبالغة في تحقيق حُرْمة المقسَم به بحيث يُوهِم للسامع أن المتكلم يهم أن يقسم به ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول : لا أقسم به، أي ولا أقسم بأعزَّ منه عندي، وذلك كناية عن تأكيد القَسم وتقدم عند قوله تعالى :( فلا أقسم بمواقع النجوم في سورة الواقعة.
وفيه محسن بديعي من قبيل ما يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم. وهذا لم نذكره فيما مضى ولم يذكره أحد.
والقسم بيوم القيامة ( باعتباره ظرفاً لما يجري فيه من عدل الله وإفاضة فضله وما يحضره من الملائكة والنفوس المباركة.
وتقدم الكلام على ) يوم القيامة ( غير مرة منها قوله تعالى :( ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ( في سورة البقرة.
وجواب القسم يؤخذ من قوله :( أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه ( لأنه دليل الجواب إذ التقدير : لنجمعن عظام الإِنسان أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه.
وفي ( الكشاف ) ( قالوا إنه ( أي لا أقسم ) في الإِمام بغير ألف ) وتبرأ منه بلفظ ( قالوا ) لأنه مخالف للموجود في المصاحف. وقد نسب إلى البزي عن ابن كثير أنه قرأ ) لأقسم ( الأول دون ألف وهي رواية عنه ذكرها الشيخ علي النوري في ( غيث النفع ) ولم يذكرها الشاطبي. واقتصر ابن عطية على نسبتها إلى ابن كثير دون تقييد، فتكون اللام لامَ قسم. والمشهور عن ابن كثير خلاف ذلك، وعطف قوله :( ولا أقسم ( تأكيداً للجملة المعطوف عليها، وتعريف ) النفس ( تعريف الجنس، أي الأنفس اللوامة. والمراد نفوس المؤمنين. ووصفُ ) اللوامة ( مبالغة لأنها تُكثر لوم صاحبها على التقصير في التقوى والطاعة. وهذا اللوم هو المعبر عنه في الاصطلاح بالمحاسبة، ولومُها يكون بتفكيرها وحديثها النفسي. قال الحسن ( ما يُرى المؤمن إلاّ يلوم نفسه على ما فات ويندم، يلوم نفسه على الشر لِم فعله وعلى الخير لم لا