" صفحة رقم ٣٣٩ "
يستكثر منه ) فهذه نفوس خيّرة حقيقة أن تشرف بالقَسَم بها وما كان يوم القيامة إلاّ لكرامتها.
والمراد اللوامة في الدنيا لوماً تنشأ عنه التوبة والتقوى وليسَ المراد لوم الآخرة إذ ) يقول يا ليتني قدمت لحياتي ( ( الفجر : ٢٤ ).
ومناسبة القسم بها مع يوم القيامة أنها النفوس ذات الفوز في ذلك اليوم. وعن بعض المفسرين أن ) لا أقسم ( مراد منه عدم القسم ففسر النفس اللوامة بالتي تَلوم على فعل الخير.
وقوله :( أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه ( الخ دليل على جواب القسم إذ تقدير الجواب لنجمعن عظامكم ونبعثكم للحساب.
وتعريف ) الإِنسان ( تعريف الجنس، ووقوعه في سياق الإِنكار الذي هو في معنى النفي يقتضي العموم، وهو عموم عرفي منظور فيه إلى غالب الناس يومئذٍ إذ كان المؤمنون قليلاً. فالمعنى : أيحسب الإِنسان الكافر.
وجملة ) أن لن نجمع عظامه ( مركبة من حرف ) أن ( المفتوحة الهمزة المخففة النون التي هي أخت ( إنّ ) المكسورة.
واسم ) أن ( ضمير شأن محذوف.
والجملة الواقعة بعد ) أنْ ( خبر عن ضمير الشأن، فسيبويه يجعل ) أن ( مع اسمها وخبرها سادّة مسدّ مفعولي فعل الظن. والأخفش يَجعل ) أن ( مع جزئيها في مقام المفعول الأول ( أي لأنه مصدر ) ويقدِّر مفعولاً ثانياً. وذلك أن من خواص أفعال القلوب جواز دخول ( أن ) المفتوحة الهمزة بعدها فيستغني الفعل ب ( أن ) واسمها وخبرها عن مفعوليه.
وجيء بحرف ) لن ( الدال على تأكيد النفي لحكاية اعتقاد المشركين استحالة جمع العظام بعد رمامها وتشتتها.
قال القرطبي : نزلت في عدي بن ربيعة ( الصواب ابن أبي ربيعة ) قال للنبيء ( ﷺ ) يا محمد حدِّثْني عن يوم القيامة فأخبره رسول الله ( ﷺ ) فقال عدي : لو عاينتُ ذلك اليوم لم أصدقْك أوَ يجمع الله العظام. فنزلت هذه الآية، ألا قلت : إن سبب النزول لا يخصص الإِنسان بهذا السائل.