" صفحة رقم ٣٥٦ "
وبين ) ناضرة ( و ) ناظرة ( جناس محرف قريب من التامّ.
وسوغ الابتداء بالنكرة في قوله :( وجوهٌ يومئذٍ ناضرة ( أنها أُرِيدَ بها التفصيل والتقسيم لمقابلتِه بقوله :( ووجوهٌ يومئذٍ باسرة (، على حد قول الشاعر :
فيوم علينا ويومٌ لنا
ويومٌ نُساء ويوم نسر
وأما الوجوه الباسرة فنوع ثان من وجوه الناس يومئذٍ هي وجوه أهل الشقاء. وأعيد لفظ ) يومئذٍ ( تأكيداً للاهتمام بالتذكير بذلك اليوم.
و ) باسرة ( : كالحة مِن تيقن العذاب، وتقدم عند قوله تعالى :( ثم عبس وبسر في سورة المدثر.
فجملة تَظُنّ أن يُفْعَل بها فاقرة ( استئناف بياني لبيان سبب بسورها.
و ) فاقرة ( : داهية عظيمة، وهو نائب فاعل ) يُفعل بها ( ولم يقترن الفعل بعلامة التأنيث لأن مرفوعهُ ليس مؤنثاً حقيقياً، مع وقوع الفصل بين الفعل ومرفوعه، وكلا الأمرين يسوغ ترك علامة التأنيث. وإِفراد ) فاقرة ( إفراد الجنس، أي نوعاً عظيماً من الداهية.
والمعنى : أنهم أيقنوا بأن سيلاقوا دواهي لا يُكتنه كنهها.
( ٢٦ ٣٠ ) ) ).
ردع ثان على قول الإِنسان ) أيَّانَ يوم القيامة ( ( القيامة : ٦ )، مؤكِّد للردع الذي قبله في قوله :( كَلاَّ بل تحبّون العاجلة ( ( القيامة : ٢٠ ). ومعناه زجر عن إحالة البعث فإنه واقع غير بعيد فكل أحد يشاهده حين الاحتضار للموت كما يؤذن به قوله :( إلى ربك يومئذٍ المَساق ( أُتبع توصيف أشراط القيامة المباشرة لحلوله بتوصيف أشراط حلول التهيُّؤِ الأول للقائه من مفارقة الحياة الأولى.