" صفحة رقم ٣٥٨ "
والأنفاسُ : جمع نفَس، بفتح الفاء، وهو أنسب بالحقائق.
و ) التراقي ( : جمع تَرْقُوة ( بفتح الفوقية وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو مخففة وهاء تأنيث ) وهي ثُغرة النحر، ولكل إنسان ترقوتان عن يمينه وعن شماله.
فالجمع هنا مستعمل في التثنية لقصد تخفيف اللفظ وقد أُمِن اللبس، لأن في تثنية ترقوة شيئاً من الثقل لا يناسب أفصح كلام، وهذا مِثل ما جاء في قوله تعالى :( فقد صغت قلوبكما في سورة التحريم.
ومعنى بلغتْ التراقي ( : أن الروح بلغت الحُنْجُرة حَيث تخرج الأنفاس الأخيرة فلا يسمع صوتها إلاّ في جهة الترقوة وهي آخر حالات الاحتضار، ومثله قوله تعالى :( فلولا إذا بلغت الحُلقوم الآية ( ( الواقعة : ٨٣ ).
واللام في ) التراقي ( مثل اللام في المساق فيقال : هي عوض عن المضاف إليه، أي بلغت روحه تَرَاقِيَه، أي الإِنساننِ.
ومعنى ) وقيل مَنْ رَاقٍ ( وقال قائل : من يَرْقِي هذا رُقْيَات لشفائه ؟ أي سأل أهلُ المريض عن وِجْدَاننِ أحد يرقي، وذلك عند توقع اشتداد المرض به والبحث عن عارف برقية المريض عادة عَربية ورد ذكرها في حديث السَرِيَّة الذين أَتَوْا على حيّ من أحياء العرب إذْ لُدغ سيد ذلك الحي فعَرض لهم رجل من أهل الحي، فقال : هل فيكم مِن راق ؟ إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً. رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس في الرقيا بفاتحة الكتاب.
والرقيا بالقصر، ويقال بهاء تأنيث : هي كلام خاص معتقَد نفعه يقوله قائل عند المريض واضعاً يده في وقت القراءة على موضع الوَجَع من المريض أو على رأس المريض، أو يكتبه الكاتب في خرقة، أو ورقة وتعلق على المريض، وكانت من خصائص التطبب يزعمون أنها تشفي مِن صَرَع الجنون ومن ضُر السموم ومن الحُمَّى.
ويختص بمعرفتها ناس يزعمون أنهم يتلقونها من عارفين فلذلك سَمَّوا الراقي ونحوه عَرَّافاً، قال رؤبة بن العجاج :
بَذَلْتُ لعَرَّاف اليَمامة حُكْمَهُ
وعَرَّاففِ نجدٍ إِنْ هُمَا شَفَيَانِي
فما تركَا من عُوذَة يعرفانها
ولا رُقْيَةٍ بهَا رَقَيَاني


الصفحة التالية
Icon