" صفحة رقم ٣٦١ "
وحذف مفعول ) كذّب ( ليشمل كلَّ ما كذب به المشركون، والتقدير : كذب الرسولَ والقرآنَ وبالبعث، وتولى عن الاستجابة لشرائع الإِسلام.
ويجوز أن يكون الفاء تفريعاً وعطفاً على قوله :( إلى ربك يومئذٍ المساق ( ( القيامة : ٣٠ )، أي فقد فارق الحياة وسيق إلى لقاء الله خالياً من العُدّة لذلك اللقاء.
وفي الكلام على كلا الوجهين حذف يدل عليه السياق تقديره : فقد علم أنه قد خسر وتندم على ما أضاعه من الاستعداد لذلك اليوم.
وقد ورد ذلك في قوله تعالى :( إذا دُكّت الأرض دكاً دكاً وجاء ربك والملَك صفاً صفاً وجيء يومئذٍ بجهنم يومئذٍ يتذكر الإِنسان وأنّى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي ( ( الفجر : ٢١ ٢٤ ).
وفعل ) صَدَّق ( مشتق من التصديق، أي تصديق الرسول ( ﷺ ) والقرآن وهو المناسب لقوله :( ولكن كذّب ).
والمعنى : فلا ءامن بما جاء به الرسول ( ﷺ ) وبَعض المفسرين فَسَّر ) صدَّق ( بمعنى أعطى الصَّدَقة، وهو غير جار على قياس التصريف إذ حقه أن يقال : تَصَدق، على أنه لا يساعد الاستدراك في قوله :( ولكن كذب ).
وعُطف ) ولا صلّى ( على نفس التصديق تشويهاً له بأن حاله مبائن لأحْوَال أهل الإِسلام. والمعنى : فلم يؤمن ولم يسلم.
و ) لا ( نافية دخلت على الفعل الماضي والأكثر في دخولها على الماضي أن يعطف عليها نفي آخر وذلك حين يقصد المتكلم أمرين مثل ما هنا وقول زهير :
فَلا هو أخفاها ولم يتقدم
وهذا معنى قول الكسائي ( ( لا ) بمعنى ( لَم ) ولكنه يقرن بغيره يقول العرب : لا عبدُ الله خارج ولا فلان، ولا يقولون : مررت برجل لاَ محسن حتى يقال : ولا مجمل ) اه فإذا لم يعطف عليه نفي آخر فلا يؤتى بعدها بفعل مُضِيَ إلاّ في إرادة الدعاء نحو :( لا فُضَّ فُوك ) وشذ ما خالف ذلك. وأما قوله تعالى :( فَلاَ اقْتَحَمَ العقَبَةَ ( ( البلد : ١١ ) فإنّه على تأويل تكرير النّفي لأنّ مفعول الفعل المنفي بحرف ) لا ( وهو العقبة يتضمن عدة أشياء منفية بيَّنها قوله :( وما أدراك ما العقبة فكّ رقبة