" صفحة رقم ٣٧٣ "
والشيء : اسم للموجود.
والمذكورُ : المعيّن الذي هو بحيث يُذكر، أي يعبّرُ عنه بخصوصه ويخبر عنه بالأخبار والأحوال. ويعلَّق لفظه الدال عليه بالأفعال.
فأمّا المعدوم فلا يذكر لأنه لا تعيّن له فلا يذكر إلاّ بعنوانه العام كما تقدّم آنفاً، وليس هذا هو المراد بالذّكر هنا.
ولهذا نجعل ) مذكوراً ( وصفاً ل ) شيئاً (، أريد به تقييد ) شيئاً (، أي شيئاً خاصاً وهو الموجود المعبر عنه باسمه المعيِّن له.
استئناف بياني مترتب على التقرير الذي دل عليه ) هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ( ( الإنسان : ١ ) لما فيه من التشويق.
والتقرير يقتضي الإِقرار بذلك لا محالة لأنه معلوم بالضرورة، فالسامع يتشوف لما يرد بعد هذا التقرير فقيل له : إن الله خلقه بعد أن كان معدوماً فأوجَد نطفة كانت معدومة ثم استخرج منها إنساناً، فثبت تعلُّق الخلق بالإِنسان بعد عدمه.
وتأكيد الكلام بحرف ( إنَّ ) لتنزيل المشركين منزلة من ينكر أنّ الله خلق الإِنسان لعدم جريهم على موجَب العلم حيث عبدوا أصناماً لم يخلقوهم.
والمراد ب ) الإنسان ( مثل ما أريد به في قوله :( هل أتى على الإنسان ( ( الإنسان : ١ ) أي كل نوع الإِنسان.
وأُدمج في ذلك كيفية خلق الإِنسان من نطفة التناسِل لما في تلك الكيفية من دقائق العلم الإِلاهي والقدرة والحكمة.
وقد تقدم معنى النطفة في سورة القيامة.
و ) أمشاج ( : مشتق من المشج وهو الخلط، أي نطفة مخلوطة قال تعالى :( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ( ( يس : ٣٦ ) وذلك يفسر معنى الخلط الذي أشير إليه هنا.


الصفحة التالية
Icon