" صفحة رقم ٣٧٦ "
وغيره الكفور، وذلك تقسيم بحسب حال الناس في أول البعثة، ثم ظهر من خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
وتأكيد الخبر ب ( إنَّ ) للرد على المشركين الذين يزعمون أن ما يدعوهم إليه القرآن باطل.
و ) إِما شاكراً وإما كفوراً ( حالان من ضمير الغيبة في ) هديناه (، وهو ضمير ) الإِنسان ( ( الإنسان : ٢ ).
و ) إما ( حرف تفصيل، وهو حرفٌ بسيط عند الجمهور. وقال سيبويه : هو مركب من حرف ( إِنْ ) الشرطية و ( مَا ) النافية. وقد تجردت ( إنْ ) بالتركيب على الشرطية كما تجردت ( مَا ) عن النفي، فصار مجموع ) إِما ( حرف تفصيل، ولا عمل لها في الاسم بعدها ولا تمنع العامل الذي قبلها عن العمل في معموله الذي بعدها فهي في ذلك مثل ( اَلْ ) حرففِ التعريف. وقدر بعض النحاة ) إما ( الثانية حرفَ عطف وهو تحكم إذ جعلوا الثانية عاطفة وهي أخت الأولى، وإنما العاطف الواو و ) إِما ( مقحمة بين الاسم ومعموله كما في قول تأبط شراً :
هُمَا خُطَّتَا إِمَّا إِسارٍ ومِنَّةٍ
وإِمَّا دَممٍ والموتُ بالحُر أجْدَرُ
فإن الاسمين بعد ( إما ) في الموضعين من البيت مجرورَان بالإِضافة ولذلك حذفت النون من قوله : هما خطتَا، وذلك أفصح كما جاء في هذه الآية.
قال ابن جنيّ :( أما من جرَّ ( إِسار ) فإنه حذف النون للإِضافة ولم يَعتد ( إِمَّا ) فاصلاً بين المضاف والمضاف إليه، وعلى هذا تقول : هما إِما غلاما زيدٍ وإما عمرو، وأجودُ من هذا أن تقول : هما خطتَا إِسارٍ ومنةٍ وإِما خطتا دم ثم قال : وأما الرفع فطريق المذهب، وظاهر أمره أنه على لغة من حذف النون لغير الإِضافة فقد حُكي ذلك ) الخ.
ومقتضى كلامه أن البيت روي بالوجهين : الجرِ والرفع وقريب منه كلام المرزوقي وزاد فقال ( وحَذف النون إذا رفعتَ ( إسارُ ) استطالة للاسم كأنه استطال خطتا ببدَلِه وهو قوله : إِما إسار ) الخ.
والمعنى : إنا هديناه السبيل في حال أنه متردد أمره بين أحد هذين الوصفين


الصفحة التالية
Icon