" صفحة رقم ٣٨٠ "
ووصف بَرَ أقوى من بارّ في الاتصاف بالبرِ، ولذلك يقال : الله بَر، ولم يُقل : الله بَار.
ويجمع برّ على بَرَرة. ووقع في ( مفردات الراغب ) : أن بررة أبلغ من أبرار.
وابتدىء في وصف نعيمهم بنعيم لذة الشرب من خمر الجنة لما للذة الخمر من الاشتهار بين الناس، وكانوا يتنافسون في تحصيلها.
والكأس : بالهمزة الإِناء المجعول للخمر فلا يسمى كأساً إلاّ إذا كان فيه خمر، وقد تسمى الخمر كأساً على وجه المجاز المرسل بهذا الاعتبار كما سيجيء قريباً قوله تعالى :( ويسقون فيها كأساً كان مزاجُها زنجبيلاً ( ( الإنسان : ١٧ ) فيجوز أن يراد هنا آنية الخمر فتكون ) مِن ( للابتداء وإفراد ) كأس ( للنوعية، ويجوز أن تراد الخمر فتكون ) مِن ( للتبعيض.
وعلى التقديرين فكأس مراد به الجنس وتنوينه لتعظيمه في نوعه.
والمزاج : بكسر الميم ما يمزج به غيرُه، أي يخلط وكانوا يمزجون الخمر بالماء إذا كانت الخمر معتقة شديدة ليخففوا من حدتها وقد ورد ذكر مزج الخمر في أشعار العرب كثيراً.
وضمير ) مزاجها ( عائد إلى ) كأس ).
فإذا أريد بالكأس إناء الخمر فالإِضافة لأدنى ملابسة، أي مزاج ما فيها، وإذا أريدت الخمر فالإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله.
والكافور :( زيت يستخرج من شجرة تشبه الدِفْلَى تنبت في بلاد الصين وجَاوة يتكون فيها إذا طالت مدتُها نحواً من مائتي سنة فيُغلَّى حَطَبها ويستخرج منه زيت يسمى الكَافور. وهو ثخِن قد يتصلب فيصير كالزُبْد وإذا يقع حطب شجرة الكافور في الماء صار نبيذاً يتخمر فيصير مسكراً.
والكافور أبيض اللون ذكي الرائحة منعش.
فقيل إن المزاج هنا مراد به الماء والإِخبار عنه بأنه كافور من قبيل التشبيه البليغ، أي في اللون أو ذكاء الرائحة، ولعل الذي دعا بعض المفسرين إلى هذا أن


الصفحة التالية
Icon