" صفحة رقم ٣٨٣ "
الإِيمان والعمل الصالح، وذلك مشعر بأنهم يكثرون نذر الطاعات وفعل القربات ولولا ذلك لما كان الوفاء بالنذر موجباً الثناء عليهم.
والتعريف في ( النذر ) تعريف الجنس فهو يعم كل نذر.
وعطف على ) يوفون بالنذر ( قوله :( ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً ( لأنهم لما وصفوا بالعمل بما ينذرونه أتبع ذلك بذكر حسن نيتهم وتحقق إخلاصهم في أعمالهم لأن الأعمال بالنيات فجمع لهم بهذا صحة الإعتقاد وحسن الأعمال.
وخوفهم اليوم مجاز عقلي جرى في تعلق اليوم بالخوف لأنهم إنما يخافون ما يجري في ذلك اليوم من الحساب والجزاء على الأعمال السيئة بالعقاب فعلق فعل الخوْف بزمان الأشياء المخوفة.
وانتصب ) يوماً ( على المفعول به ل ) يخافون ( ولا يصح نصبه على الظرفية لأن المراد بالخوف خوفهم في الدنيا من ذنوب تجر إليهم العقاب في ذلك اليوم، وليس المراد أنهم يخافون في ذلك اليوم فإنهم في ذلك اليوم آمنون.
ووُصِف اليومُ بأن له شرّاً مستطيراً وصفاً مشعراً بعلة خوفهم إياه. فالمعنى : أنهم يخافون شر ذلك اليوم فيتجنبون ما يُفضي بهم إلى شره من الأعمال المتوعد عليها بالعقاب.
والشر : العذاب والجزاء بالسوء.
والمستطير : هو اسم فاعل من استطار القاصر، والسين والتاء في استطار للمبالغة وأصله طار مثل استكبر. والطيران مجازي مستعار لانتشار الشيء وامتداده تشبيهاً له بانتشار الطير في الجو، ومنه قولهم : الفجر المستطير، وهو الفجر الصادق الذي ينتشر ضوؤه في الأفق ويقال : استطار الحريق إذا انتشر وتلاحق.
وذكر فعل ) كان ( للدلالة على تمكن الخبر من المخبر عنه وإلاّ فإن شر ذلك اليوم ليس واقعاً في الماضي وإنما يقع بعد مستقبل بعيد، ويجوز أن يجعل ذلك من التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيهاً على تحقق وقوعه.
وصيغة ) يخافون ( دالة على تجدد خوفهم شّر ذلك اليوم على نحو قوله :( يوفون بالنذر ).