" صفحة رقم ٤٣٥ "
والضمير المقدَّر مع القول المحذوف عائد إلى المكذبين، أي يقال للمكذبين.
والأمر بانطلاقهم مستعمل في التسخير لأنهم تنطلق بهم ملائكة العذاب قسراً.
وما كانوا به يكذبون هو جهنم. وعبر عنه بالموصول وصلته لما تتضمنه الصلة من النداء على خطئهم وضلالهم على طريقة قول عَبْدَة بن الطَّبيب :
إِنَّ الذين ترَوْنَهم إِخْوَانَكم
يشْفِي غَلِيلَ صُدورهم أنْ تُصْرَعُوا
وجملة ) انطلقوا إلى ظل ( إلى آخرها، بدل اشتمال أو مطابقٌ من جملة ) انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ).
وأعيد فعل ) انطلقوا ( على طريقة التكرير لقصد التوبيخ أو الإِهانة والدَّفْع، ولأجله أُعيد فعل ) انطلقوا ( وحرفُ ) إلى ).
ومقتضى الظاهر أن يقال : انطلقوا إلى ما كنتُم به تكذبون ظِللٍ ذي ثلاث شعب، فإعادة العامل في البدل للتأكيد في مقام التقريع.
وأريد بالظل دخان جهنم لكثافته، فعبر عنه بالظل تهكماً بهم لأنهم يتشوقون ظلاً يأوون إلى برده.
وأفرد ) ظل ( هنا لأنه جعل لهم ذلك الدخان في مكان واحد ليكونوا متراصين تحته لأن ذلك التراص يزيدهم ألماً.
وقرأ الجمهور ) انطلقوا ( الثاني بكسر اللام مثل ) انطلقوا ( الأول، وقرأه رُوَيس عن يعقوب بفتح اللام على صيغة الفعل الماضي على معنى أنهم أُمروا بالانطلاق إلى النار فانطلقوا إلى دخانها، وإنما لم يعطف بالفاء لقصد الاستئناف ليكون خبراً آخرَ عن حالهم.
والشُّعَب : اسم جمع شُعبة وهي الفريق من الشيء والطائفة منه، أي ذي ثلاث طوائف وَأريد بها طوائف من الدخان فإن النار إذا عظم اشتعالها تصاعد دخانها من طرفيها ووسطها لشدة انضغاطه في خروجه منها.


الصفحة التالية
Icon