" صفحة رقم ٦٠ "
يجري القَسَم هنا على سنن الأقسام الصادرة في كلام الله تعالى أن تكون بأشياء معظمة دالة على آثار صفات الله تعالى.
و ) القلم ( المقْسَم به قيل هو ما يكنى عنه بالقلم من تعلق علم الله بالموجودات الكائنة والتي ستكون، أو هو كائن غيبي لا يعلمه إلاّ الله. وعن مجاهد وقتادة : أنه القلم الذي في قوله تعالى :( الذي علّم بالقلم عَلَّم الإِنسان ما لم يعلم ( ( العلق : ٤ ٥ ). قلت : وهذا هو المناسب لقوله :( وما يسطرون ( في الظاهر وهو الذي يقتضيه حال المشركين المقصودين بالخطاب الذين لا يعرفون إلاّ القلم الذي هو آلة الكتابة عند أهل الكِتاب وعند الذين يعرفون الكتابة من العرب.
ومن فوائد هذا القسم أن هذا القرآن كتاب الإِسلام، وأنه سيكون مكتوباً مقروءاً بين المسلمين، ولهذا كان رسول الله ( ﷺ ) يأمر أصحابه بكتابة ما يوحى به إليه وتعريف ) القلم ( تعريف الجنس.
فالقسم بالقلم لشرفه بأنه يُكتب به القرآن وكتبت به الكتب المقدسة وتكتب به كتب التربية ومكارم الأخلاق والعلوم وكل ذلك مما له حظ شرف عند الله تعالى.
وهذا يرجحه أن الله نوّه بالقلم في أول سورة نزلت من القرآن بقوله :( إقرأ وربُك الأكرمُ الذي علّم بالقلم علَم الإِنسان ما لم يعلم ( ( العلق : ٣ ٥ ).
و ) ما يسطرون ( هي السطور المكتوبة بالقلم.
و ) مَا ( يجوز أن تكون موصولة، أي وما يكتبونه من الصحف، ويجوز أن تكون مصدرية، والمعنى : وسَطْرِهم الكتابة سطوراً.
ويجوز أن يكون قسَماً بالأقلام التي يكتب بها كتَّاب الوحي القرآن، ) وما يسطرون ( قَسَماً بكتابتهم، فيكون قَسَماً بالقرآن على أن القرآن ما هو بكلام مجنون