" صفحة رقم ١٤٤ "
وقعة بدر، ويُبعد ذلك أنّ سورة آل عمران اشتملت على التذكير بنصر المسلمين يومَ بدر، وأنّ فيها ذكْر يوم أحد، ويجوز أن يكون بعضها نزل متأخّراً. وذَكَر الواحدي في أسباب النزول، عن المفسّرين : أنّ أول هذه السورة إلى قوله :( ونحن له مسلمون ( ( آل عمران : ٨٤ ) نزل بسبب وقد نجران، هو وفد السيد والعاقب، أي سنة اثنتين من الهجرة، ومن العلماء من قالوا : نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال، وكان نزولها في وقعة أحد، أي شوال سنة ثلاث، وهذا وأقرب، فقد اتفق المفسّرون على أنّ قوله تعالى :( وإذ غدوت من أهلك تُبَوِّىءُ المؤمنون مقاعد للقتال ( ( آل عمران : ١٢١ ) أنّه قتال يوم أحُد. وكذلك قوله :( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ( ( آل عمران : ١٤٤ ) فإنّه مشير إلى الإرجاف يومَ أحد بقتل النبي ( ﷺ )
ويجوز أن يكون أولها نزل بعد البقرة إلى نهاية ما يشير إلى حديث وفد نجران، وذلك مقدار ثمانين آية من أولها إلى قوله :( وإذ غدوت من أهلك ( ( آل عمران : ١٢١ ) قاله القرطبي في أول السورة، وفي تفسير قوله :( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب ( ( آل عمران : ٧٩ ) الآية. وقد تقدم القول في صدر سورة الفاتحة : إنّنا بينا إمكان تقارن نزول سور عدّة في مدة واحدة، فليس معنى قولهم : نزلت سورة كذا بعد سورة كذا، مراداً منه أنّ المعدودة نازلة بعد أخرى أنّها ابْتدىء نزولها بعد انتهاء الأخرى، بل المراد أنّها ابتُدىءَ نزولها بعد ابتداءِ نزول التي سبقتها.
وقد عدت هذه السورة الثامِنة والأربعين في عداد نزول سور القرآن.
وعدد آيها مائتان في عَدّ الجمهور وعددها عند أهل العدد بالشام مائة وتسع وتسعون.
واشتملت هذه السورة، من الأغراض : على الابتداء بالتنويه بالقرآن، ومحمد ( ﷺ ) وتقسيم آيات القرآن، ومراتب الأفهام في تلقّيها، والتنويه بفضيلة الإسلام وأنّه لا يعدِلُه دين، وأنّه لا يقبل دين عند الله، بعد ظهور الإسلام، غير الإسلام، والتنويه بالتوراة والإنجيل، والإيماء إلى أنّهما أنزلا قبل القرآن، تمهيداً لهذا الدين فلا يحقّ للناس، أن يكفروا به، وعلى التعريف بدلائل إلاهية الله تعالى، وانفراده، وإبطال ضلالة الذين اتّخذوا آلهة من دون الله : مَن جعلوا له


الصفحة التالية
Icon