" صفحة رقم ١٧١ "
والقصر في قوله :( إنك أنت الوهاب ( للمبالغة، لأجل كمال الصفة فيه تعالى ؛ لأنّ هبات الناس بالنسبة لما أفاض الله من الخيرات شيء لا يعبأ به. وفي هذه الجملة تأكيد بإنّ، وبالجملة الاسمية، وبطريق القصر.
وقوله :( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ( استحضروا عند طلب الرحمة أحْوجَ ما يكونون إليها، وهو يومُ تكونُ الرحمة سبباً للفوز الأبدي، فأعقبوا بذكر هذا اليوم دعاءَهم على سبيل الإيجاز، كأنّهم قالوا : وهب لنا من لدنك رحمة، وخاصّة يوم تجمّع الناس كقول إبراهيم :( ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ( ( إبراهيم : ٤١ ) على ما في تذكّر يوم الجمع من المناسبة بعد ذكر أحوال الغواة والمهتدين، والعلماءِ الراسخين.
ومعنى ) لا ريب فيه ( لا ريب فيه جديراً بالوقوع، فالمراد نفي الريب في وقوعه. ونفوه على طريقه نفي الجنس لعدم الاعتداد بارتياب المرتابين، هذا إذا جعلتَ ( فيه ) خبراً، ولك أن تجعله صفةً لريبَ وتجعلَ الخبر محذوفاً على طريقة لا النافية للجنس، فيكون التقدير : عندنا، أو لَنَا.
وجملة ) إن الله لا يخلف الميعاد ( تعليل لنفي الريب أي لأنّ الله وعد بجمع الناس له، فلا يخلف ذلك، والمعنى : إنّ الله لا يُخلف خبرَه، والميعاد هنا اسم مكان.
، ١١ ) ) لله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَائِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِأَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
استئناف كلام ناشيء عن حكاية ما دعا به المؤمنون : من دوام الهداية، وسؤال الرحمة، وانتظار الفوز يوم القيامة، بذكر حال الكافرين في ذلك اليوم، على عادة القرآن في إرداف البشارة بالنذارة. وتعقيب دعاء المؤمنين، بذكر حال المشركين،


الصفحة التالية
Icon