" صفحة رقم ١٨١ "
وبيان الشهوات بالنساء والبنين وما بعدهما، بيان بأصول الشهوات البشرية : التي تجمع مشتهيَات كثيرة، والتي لا تختلف باختلاف الأمم والعصور والأقطار، فالميْل إلى النساء مركوز في الطبع، وضعه الله تعالى لحكمةِ بقاء النوع بداعي طلب التناسل ؛ إذ المرأة هي موضع التناسل، فجُعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلّف رُبَّمَا تعقبه سآمة، وفي الحديث :( ما تركتُ بعدي فتنةً أشدّ على الرجال من فتنة النساء ) ولم يُذكر الرجالُ لأنّ ميل النساء إلى الرجال أضعف في الطبع، وإنّما تحصل المحبّة منهن للرجال بالإلف والإحسن.
ومحبّة الأبناء أيضاً في الطبع : إذ جعل الله في الوالدين، من الرجال والنساء، شعوراً وجدانياً يُشعر بأنّ الولد قطعة منهما، ليكون ذلك مدعاة إلى المحافظة على الولد الذي هو الجيل المستقبل، وببقائه بقاء النوع، فهذا بقاءُ النوع بحفظه من الاضمحلال المكتوب عليه، وفي الولد أيضاً حفظ للنوع من الاضمحلال العارض بالاعتداء على الضعيف من النوع ؛ لأنّ الإنسان يعرض له الضعف، بعد القوة، فيكون ولده دافعاً عنه عداء من يعتدي عليه، فكما دفع الوالد عن ابنه في حال ضعفه، يدفع الولد عن الوالد في حال ضعفه.
والذهب والفضة شهوتان بِحسن منظرهما وما يتّخذ منهما من حلي للرجال والنساء، والنقدان منهما : الدنانيرُ والدراهم، شهوة لما أوْدَع الله في النفوس منذ العصور المتوغّلة في القدم من حبّ النقود التي بها دفع أعواض الأشياء المحتاج إليها.
) والقناطير ( جمع قنطار وهو ما يزن مائة رطل، وأصله معرّب قيل عن الرومية اللاتينية الشرقية، كما نقله النقّاش عن الكلبي، وهو الصحيح ؛ فإن أصله في اللاّتينية ( كِينْتال ) وهو مائة رطل. وقال ابن سيده : هو معرّب عن السريانية. فما في ( الكشاف ) في سورة النساء أنّ القنطار مأخوذ من قتطَرت الشيءَ إذا رفعتَه، تكلّف. وقد كان القنطار عند العرب، وزنا ومقداراً، من الثروة، يبلغه بعض المثرين : وهو أن يبلغ مالُه مائةَ رطل فضة، ويقولون : قنطَر الرجلُ إذا بلغ ماله قنطاراً وهو اثنا عشر ألف دينارٍ أي ما يساوي قنطاراً من الفضة، وقد يقال : هو مقدار مائة ألف دينار من الذهب.


الصفحة التالية
Icon