" صفحة رقم ٢٣١ "
والآل : الرهط، وآل إبراهيم : أبناؤه وحفيده وأسباطه، والمقصود تفضيل فريق منهم. وشمل آل إبراهيم الأنبياءَ من عقبه كموسى، ومَن قبله ومن بعده، وكمحمد عليه الصلاة والسلام، وإسماعيل، وحنظلةَ بن صفوان، وخالد بن سنان.
وأما آل عمران : فهم مريم، وعيسى، فمريم بنت عمران بن ماتان كذا سماه المفسرون، وكان من أحبار اليهود، وصالحيهم، وأصله بالعبرانية عمرام بميم في آخره فهو أبو مريم، قال المفسّرون : هو من نسل سليمان بن داود، وهو خطأ، والحق أنه من نسل هارون أخي موسى، كما سيأتي قريباً. وفي كتب النصارى : أنّ اسمه يوهاقيم، فلعله كان له اسمان ومثله كثير. وليس المراد هنا عِمران والد موسى وهارون ؛ إذ المقصود هنا التمهيد لذكر مريم وابنِها عيسى بدليل قوله :( إذ قالت امرأت عمران ).
وتقدم الكلام على احتمال معنى الآل عند قوله تعالى :( وإذ نجيناكم من آل فرعون في سورة البقرة ( ٤٩ ) ولكنّ الآل هنا متعين للحمل على رهط الرجل وقرابته.
ومعنى اصطفاء هؤلاء على العالمين اصطفاء المجموع على غيرهم، أو اصطفاء كلّ فاضل منهم على أهل زمانه.
وقوله : ذرية بعضها من بعض ( حال من آل إبراهيم وآللِ عمران. والذرية تقدم تفسيرها عند قوله تعالى :( قال من ذريتي في سورة البقرة ( ١٢٤ ) وقد أجمل البعض هنا : لأنّ المقصود بيان شدّة الاتصال بين هذه الذرية، فمن للاتصال لا للتبعيض أي بين هذه الذرية اتّصال القرابة، فكل بعض فيها هو متّصل بالبعض الآخر، كما تقدم في قوله تعالى : فليس من اللَّه في شيء ( ( آل عمران : ٢٨ ).
والغرض من ذكر هؤلاء تذكير اليهود والنصارى بشدّة انتساب أنبيائهم إلى النبي محمد ( ﷺ ) فما كان ينبغي أن يجعلوا موجب القرابة مُوجبَ عداوة وتفريق. ومن هنا ظهر موقع قوله :( والله سميع عليم ( أي سميع بأقوال بعضكم في بعضضِ هذه الذرية : كقول اليهود في عيسى وأمه، وتكذيبهم وتكذيب اليهود والنصارى لمحمد ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon