" صفحة رقم ٢٥١ "
والضمير المجرور بفي من قوله :( فأنفخ فيه ( عائد إلى ذلك الموصوف المحذوف الذي دلت عليه الكاف.
وقرأ نافع وحده فيكون طائراً بالإفراد وقرأ الباقون فيكون طَيْراً بصيغة اسم الجمع فقراءة نافع على مراعاة انفراد الضمير، وقراءة الباقين على اعتبار المعنى. جعل لنفسه التقدير، وأسند لله تكوين الحياة فيه.
والهيئة : الصورة والكيفية أي أصَوِّر من الطين صورةً كصورة الطير. وقرأ الجميع كهيئة بتحتية ساكنة بعدها همزة مفتوحة.
وزاد قوله :( بإذن الله ( لإظهار العبودية، ونفي توهم المشاركة في خلق الكائنات. والأكمه : الأعمى، أو الذي ولد أعمى.
والأبرص : المصاب بداء البرص وهو داء جلدي له مظاهر متنوّعة منها الخفيف ومنها القوي وأعراضه بقع بيضاء شديدة البياض تظهر على الجلد فإن كانت غائرة في الجلد فهو البرص وإن كانت مساوية لسطح الجلد فهو البَهق ثم تنتشر على الجلد فربما عمّت الجلد كله حتى يصير أبيض، وربما بقيت متميزة عن لون الجلد.
وأسبابه مجهولة، ويأتي بالوراثة، وهو غير مُعْد، وشوهد أنّ الإصابة به تكثر في الذين يقللون من النظافة أو يسكنون الأماكن القذرة. والعرب والعبرانيون واليونان يطلقون البرص على مرض آخر هو من مبادىء الجذام فكانوا يتشاءمون بالبرص إذا بَدَتْ أعراضه على واحد منهم. فأما العرب فكان ملوكهم لا يكلمون الأبرص إلاّ من وراءِ حجاب، كما وقع في قصّة الحارث بن حلزة الشاعر مع الملك عمرو بن هند. وأما العبرانيون فهم أشدّ في ذلك. وقد اهتمت التوراة بأحكام الأبرص، وأطالت في بيانها، وكرّرته مراراً، ويظهر منها أنه مرض ينزل في الهواء ويلتصق بجدران المنازل، وقد وصفه الوحي لِموسى ليعَلِّمه الكهنة من بني إسرائيل ويعلمهم طريقة علاجه، ومن أحكامهم أنّ المصاب يُعزل عن القوم ويجعل في محل خاص وأحكامه مفصّلة في سفر اللاويين. ولهذا كان إعجاز المسيح بإبراء الأبرص أهمّ المعجزات فائدة عندهم ديناً ودنيا.
وقد ذكر فقهاء الإسلام البرص في عيوب الزوجين الموجبة للخيار وفصّلوا بين أنواعه التي توجب الخيار والتي لا توجبه ولم يضبطوا أوصافه واقتصروا على تحديد أجل برئه.


الصفحة التالية
Icon