" صفحة رقم ٢٦٩ "
وسواء هنا اسم مصدر الاستواء، قيل بمعنى العدل، وقيل بمعنى قصدٍ لا شطط فيها، وهذان يكونان من قولهم : مكان سَواء وسِوَى وسَوى بمعنى متوسّط قال تعالى :( فرءاه في سواء الجحيم ( ( الصافات : ٥٥ ). وقال ابن عطية : بمعنى ما يستوي فيه جميع الناس، فإنّ اتخاذ بعضهم بعضاً أرباباً، لا يكون على استواء حال وهو قول حسن. وعلى كل معنى فالسواء غير مؤنث، وصف به ) كلمة (، وهو لفظ مؤنث، لأنّ الوصف بالمصدر واسم المصدر لا مطابقة فيه.
و ) ألا نعبد ( بدل من ) كلمة (، وقال جماعة : هو بدل من سَواء، وردّه ابن هشام، في النوع الثاني من الجهة السادسة من جهات قواعد الإعراب من مغني اللبيب، واعترضه الدمامييني وغيره.
والحق أنه مردود من جهة مراعاة الاصطلاح لا من جهة المعنى ؛ لأنّ سَواء وصف لِكلمة وألاّ نعبد لو جعل بدلاً من سواء ءال إلى كونه في قوة الوصف لكلمة ولا يحسن وصف كلمة به.
وضمير بيننا عائد على معلوم من المقام : وهو النبي ( ﷺ ) والمسلمون، ولذلك جاء بعده :( فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ).
ويستفاد من قوله :( ألا نعبد إلا الله ( إلى آخره، التعريضُ بالذين عبدوا المسيح كُلِّهم.
وقوله :( فإن تولوا ( جيء في هذا الشرط بحرف إنْ لأنّ التولِّي بعد نهوض هذه الحجة وما قبلها من الأدلة غريب الوقوع، فالمقام مشتمل على ما هو صالح لاقتلاع حصول هذا الشرط، فصار فعل الشرط من شأنه أن يكون نادر الوقوع مفروضاً، وذلك من مواقع ( إن ) الشرطية فإن كان ذلك منهم فقد صاروا بحيث يُؤيَس من إسلامهم فأعرِضوا عنهم، وأمسكوا أنتم بإسلامكم، وأشهدوهم أنكم على إسلامكم. ومعنى هذا الإشهاد التسْجيل عليهم لئلاّ يُظهروا إعراض المسلمين عن الاسترسال في محاجتهم في صورة العجز والتسليم بأحقية ما عليه أهل الكتاب فهذا معنى الإشهاد عليهم بأنا مسلمون.


الصفحة التالية
Icon