" صفحة رقم ٢٧٨ "
فهؤلاء أحقّ به ممّن انتسبوا إليه لكنهم نقضوا أصول شرعه وهم المشركون، ومن الذين انتسبوا إليه وأنسوا ذكر شرعه، وهم اليهود والنصارى، ومن هذا المعنى قول النبي ( ﷺ ) لما سَأل عن صوم اليهود، يوم عاشوراء فقالوا : هو يوم نجّى الله فيه موسى فقال :( نَحْن أحقّ بموسى منهم ) وصامه وأمر المسلمين بصومه.
وقوله :( والله ولي المؤمنين ( تذييل أي هؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم، والله ولي إبراهيم، والذين اتبعوه، وهذا النبي، والذين آمنوا ؛ لأنّ التذييل يشمل المذيَّل قطعاً، ثم يشمل غيره تكميلاً كالعام على سبب خاص. وفي قوله :( والله ولي المؤمنين ( بعد قوله :( كان إبراهيم يهودياً ( ( آل عمران : ٦٧ ) تعريض بأنّ الذين لم يكن إبراهيم منهم ليسوا بمؤمنين.
٦٩ ) ) وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ).
استئناف مناسبتُه قوله :( فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون إلى قوله إن أولى الناس بإبراهيم ( ( آل عمران : ٦٤ ٦٨ ) إلخ. والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود خاصة، ولذلك عُبّر عنهم بطائفة من أهل الكتاب لئلاّ يتوهم أنهم أهل الكتاب الذين كانت المحاجة مَعهم في الآيات السابقة.
والمراد بالطائفة جماعة منهم من قريظة، والنضير، وقَينُقاع، دَعَوا عمَّار بن ياسر، ومعاذَ بن جبل، وحذيفةَ بن اليمان، إلى الرجوع إلى الشرك.
وجملة لو يضلونكم مبينة لمضمون جملة ودّت، على طريقة الإجمال والتفصيل. فلو شرطية مستعملة في التمنّي مجازاً لأنّ التمنّي من لوازم الشرط الامتناعي. وجواب الشرط محذوف يدل عليه فعل وَدّت تقديره : لو يضلونكم لحصل مودودهم، والتحقيق أنّ التمنّي عارض من عوارض لَوْ الامتناعية في بعض المقامات. وليس هو معنى أصلياً من معاني لو. وقد تقدم نظير هذا في قوله تعالى :( يَودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنة في سورة البقرة ( ٩٦ ).


الصفحة التالية
Icon