" صفحة رقم ١٠٧ "
وجملة ) أو يذَّكَّر ( عطف على ) يزَّكَّى (، أي ما يدريك أن يحصل أحد الأمرين وكلاهما مهم، أي تحصل الذكرى في نفسه بالإِرشاد لما لم يكن يعلمه أو تذكر لِما كان في غفلة عنه.
والذكرى : اسم مصدر التذكير.
وفي قوله تعالى :( فتنفعه الذكرى ( اكتفاء عن أن يقول : فينفعه التزكي وتنفعه الذكرى لظهور أن كليهما نفع له.
والذكرى : هو القرآن لأنّه يذكّر الناس بما يغفلون عنه قال تعالى :( وما هو إلا ذكر للعالمين ( ( القلم : ٥٢ ) فقد كان فيما سأل عنه ابن أم مكتوم آيات من القرآن.
وقرأ الجمهور :( فتنفعُه ( بالرفع عطفاً على ( يذّكّر ). وقرأه عاصم بالنصب في جواب :( لعله يزكى ).
( ٥، ٦ )
تقدم الكلام على ) أمَّا ( في سورة النازعات أنها بمعنى : مهما يكن شيء، فقوله :( أما من استغنى ( تفسيره مهما يكن الذي استغنى فأنت له تصدّى، أي مهما يكن شيء فالذي استغنى تتصدى له، والمقصود : أنت تحرص على التصدي له، فجعل مضمون الجواب وهو التصدّي له معلقاً على وجود من استغنى وملازماً له ملازمة التعليققِ الشرطي على طريقة المبالغة.
والاستغناء : عدّ الشخص نفسه غنياً في أمر يدل عليه السياق قول، أو فعل أو علم، فالسين والتاء للحسبان، أي حسب نفسه غنياً، وأكثر ما يستعمل الاستغناء في التكبر والاعتزاز بالقوة.
فالمراد ب ) من استغنى ( هنا : مَن عدّ نفسه غنياً عَن هديك بأن أعرض عن قبوله لأنه أجاب قول النبي ( ﷺ ) له :( هل ترى بما أقول بَأساً، بقوله : لا والدماء... ) كناية عن أنه لا بأس به يريد ولكني غيرُ محتاج إليه.
وليس المراد ب ) من استغنى ( من استغنى بالمال إذ ليس المقام في إيثار صاحب مال على فقير.


الصفحة التالية
Icon