" صفحة رقم ١٥٥ "
وإضافة ( قول ) إلى ) رسول ( إما لأدنى ملابسة لأن جبريل يبلغ ألفاظ القرآن إلى النبي ( ﷺ ) فيحكيها كما أمره الله تعالى فهو قائلها، أي صادرة منه ألفاظها.
وفي التعبير عن جبريل بوصف ) رسول ( إيماء إلى أن القول الذي يبلغه هو رسالة من الله مأمور بإبلاغها كما هي.
قال ابن عطية : وقال آخرون الرسول هو محمد ( ﷺ ) في الآية كلها اه. ولم يُعين اسم أحد ممن قالوا هذا من المفسرين.
واستُطرد في خلال الثناء على القرآن الثناءُ على المَلَك المرسل به تنويهاً بالقرآن فإجراء أوصاف الثناء على ) رسول ( للتنويه به أيضاً، وللكناية على أن ما نزل به صِدق لأن كمال القائل يدل على صدق القول.
ووُصِفَ ) رسول ( بخمسة أوصاف :
الأول :( كريم ( وهو النفيس في نوعه.
والوصفان الثاني والثالث :( ذي قوة عند ذي العرش مكين ). فالقوة حقيقتها مقدرة الذات على الأعمال العظيمة التي لا يَقدر عليها غالباً. ومن أوصافه تعالى :( القوي )، ومنها مقدرة الذات من إنسان أو حيوان على كثير من الأعمال التي لا يقدر عليها أبناء نوعه.
وضدها الضعف قال تعالى :( اللَّه الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة ( ( الروم : ٥٤ ).
وتطلق القوة مجازاً على ثبات النفس على مرادها والإِقدام ورباطة الجأش، قال تعالى :( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ( ( مريم : ١٢ ) وقال :( خذوا ما آتيناكم بقوة ( ( البقرة : ٦٣ )، فوصف جبريل ب ) ذي قوة ( يجوز أن يكون شدة المقدرة كما وصف بذلك في قوله تعالى :( ذو مرة ( ( النجم : ٦ )، ويجوز أن يكون في القوة المجازية وهي الثبات في أداء ما أرسل به كقوله تعالى :( علمه شديد القوى ( ( النجم : ٥ ) لأنّ المناسب للتعليم هو قوة النفس، وأما إذا كان المراد محمد ( ﷺ ) فوصفه ب ) ذي قوة عند ذي العرش ( يراد بها المعنى المجازي وهو الكرامة والاستجابة له.


الصفحة التالية
Icon