" صفحة رقم ١٥٦ "
والمكين : فعيل، صفة مشبهة من مكُن بضم الكاف مكانة، إذا علت رتبته عند غيره، قال تعالى في قصة يوسف مع المِلك :( فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ( ( يوسف : ٥٤ ).
وتوسيط قوله :( عند ذي العرش ( بين ) ذي قوة ( و ) مكين ( ليتنازعه كلا الوصفين على وجه الإيجاز، أي هو ذو قوة عند الله، أي جعل الله مقدرة جبريل تخوِّله أن يقوم بعظيم ما يوكله الله به مما يحتاج إلى قوة القدرة وقوة التدبير، وهو ذو مكانة عند الله وزلفى.
ووصف النبي ( ﷺ ) بذلك على نحو ما تقدم.
والعندية عندية تعظيم، وعناية، ف ( عند ) للمكان المجازي الذي هو بمعنى الاختصاص والزُلفى. ٤
وعُدل عن اسم الجلالة إلى ) ذي العرش ( بالنسبة إلى جبريل لتمثيل حال جبريل ومكانته عند الله بحالة الأمير الماضي في تنفيذ أمر الملك وهو بمحل الكرامة لديه.
وأما بالنسبة إلى النبي ( ﷺ ) فللإِشارة إلى عظيم شأنه إذ كان ذا قوة عند أعظم موجود شأناً.
الوصف الرابع :( مطاع ( أن يطيعه من معه من الملائكة كما يطيع الجيش قائدهم، أو النبي ( ﷺ ) مطاع : أي مأمور الناسُ بطاعة ما يأمرهم به.
و ) ثَمَّ ( بفتح الثاء اسم إشارة إلى المكان، والمشار إليه هو المكان المجازي الذي دلّ عليه قوله :( عند ذي العرش ( فيجوز تعلق الظرف ب ) مطاع ( وهو أنسب لإجراء الوصف على جبريل، أي مطاع في الملأ الأعلى فيما يأمر به الملائكة والنبي ( ﷺ ) مطاعٌ في العالم العلوي، أي مقرَّر عند الله أن يطاع فيما يأمر به.
ويجوز أن يتعلق ب ) أمين (، وتقديمه على متعلَّقه للاهتمام بذلك المكان، فوصف جبريل به ظاهر أيضاً، ووصف النبي ( ﷺ ) به لأنه مقررةٌ أمانته في الملأ الأعلى.


الصفحة التالية
Icon