" صفحة رقم ١٩٤ "
يقيمون لهم ما هو شعار العدل والمساواة، كان التطفيف لذلك منبئاً عن إثم احتقار الحقوق، وذلك قد صار خلقاً لهم حتى تخلقوا بمكابرة دعاة الحق، وقد أشار إلى هذا التنويه به قوله تعالى :( والسماء رفعها ووضع الميزان أن لا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ( ( الرحمن : ٧ ٩ ) وقولُه حكاية عن شعيب :( وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( ( الشعراء : ١٨٢، ١٨٣ ).
( ٧ ٩ )
إبطال وردع لما تضمنته جملة :( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ( ( المطففين : ٤ ) من التعجيب من فعلهم التطفيف، والمعنى : كلا بل هم مبعوثون لذلك اليوم العظيم ولتلقي قضاء رب العالمين فهي جواب عما تقدم.
استئناف ابتدائي بمناسبة ذكر يوم القيامة. وهو تعريض بالتهديد للمطففين بأن يكون عملهم موجِباً كتْبه في كتاب الفجار.
و ) الفجار ( غلب على المشركين ومن عسى أن يكون متلبساً بالتطفيف بعد سماع النهي عنه من المسلمين الذي ربما كان بعضهم يفعله في الجاهلية.
والتعريف في ) الفجار ( للجنس مراد به الاستغراق، أي جميع المشركين فيعم المطففين وغير المطففين، فوصف الفجار هنا نظير ما في قوله :( أولئك هم الكفرة الفجرة ( ( عبس : ٤٢ ).
وشمول عموم الفجار لجميع المشركين المطففين منهم وغير المطففين يُعنى به أن المطففين منهم المقصود الأول من هذا العموم، لأن ذكر هذا الوصف والوعيد عليه عقب كلمة الردع عن أعمال المطففين قرينة على أن الوعيد موجّه إليهم.
و ( الكتابُ ) المكتوبُ، أي الصحيفة وهو هنا يحتمل شيئاً تحصى فيه


الصفحة التالية
Icon