" صفحة رقم ١٩٩ "
باطل. وحرف ) بل ( للإِبطال تأكيداً لمضمون ) كلاّ ( وبياناً وكشفاً لما حملهم على أن يقولوا في القرآن ما قالوا وأنه ما أعمى بصائرَهم من الرّيْن.
والرّين : الصدأ الذي يعلو حديدَ السيف والمِرآةِ، ويقال في مصدر الرَّين الرانُ مثل العيب والعَاب، والذيْم والذام.
وأصل فعله أن يسند إلى الشيء الذي أصابه الريْن، فيقال : ران السيف وران الثوب، إذا أصابه الريْن، أي صار ذا رين، ولما فيه من معنى التغطئة أطلق على التغطية فجاء منه فعل ران بمعنى غشي، فقالوا : ران النعاس على فلان، ورانت الخمر، وكذلك قوله تعالى :( ران على قلوبهم ( هو من باب رَان الرينُ على السيف، وليس من باب رانَ السيفُ، ومن استعمال القرآن هذا الفعل صار الناس يقولون : رِين على قلب فلان وفلان مَرينٌ على قلبه.
والمعنى : غَطَّت على قلوبهم أعمالهم أن يدخلها فهمُ القرآن والبوننِ الشاسِع بينه وبين أساطير الأولين.
وقرأ الجمهور بإدغام اللام في الراء بعد قلبها راء لتقارب مخرجيها.
وقرأه عاصم بالوقف على لام ( بل ) والابتداء بكلمة ران تجنباً للإدغام.
وقرأه حفص بسكتة خفيفة على لام ) بل ( ليبين أنها لام. قال في ( اللسان ) : إظهار اللام لغة لأهل الحجاز. قال سيبويه : هما حسنان، وقال الزجاج : الإِدغام أرجح.
والقلوب : العقول ومَحالُّ الإِدراك. وهذا كقوله تعالى :( ختم اللَّه على قلوبهم في سورة البقرة.
ومن كلام رعاة الأعراب يخاطبون إبلهم في زمن شدة البرد إذا أوردوها الماءَ فاشمأزت منه لبرده بَرِّديهِ تَجديه سَخيناً أي بَلْ رديه وذلك من المُلَح الشبيهة بالمعاياة إذ في ظاهره طلب تبريده وأنه بالتبريد يوجد سخيناً.
وما كانوا يكسبون ( ما عملوه سالفاً من سيئات أعمالهم وجماحهم عن