" صفحة رقم ٢٠٠ "
التدبر في الآيات حتى صار الإعراض والعناد خُلُقاً متأصلاً فيهم فلا تفهم عقولهم دلالة الأدلة على مدلولاتها.
روى الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله ( ﷺ ) أنه قال :( إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكتت في قلبه نُكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب صُقِلَ قلبه فإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران الذي ذكر الله في كتابه :( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ( ) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
ومجيء ) يكسبون ( بصيغة المضارع دون الماضي لإفادة تكرر ذلك الكسب وتعدده في الماضي.
وفي ذكر فعل ) كانوا ( دون أن يقال : ما يكسبون، إشارة إلى أن المراد : ما كسبوه في أعمارهم من الإشراك قبل مجيء الإسلام فإنهم وإن لم يَكونوا مناط تكليف أيامئذ. فهم مخالفون لما جاءت به الشرائع السالفة وتواتر وشاع في الأمم من الدعوة إلى توحيد الله بالإلاهية على قول الأشعري وأهل السنة في توجيه مؤاخذة أهل الفترة بذنب الإشراك بالله حسبما اقتضته الأدلة من الكتاب والسنة أو مخالفون لمقتضى دلالة العقل الواضحة على قول الماتريدي والمعتزلة ولحق بذلك ما اكتسبوه من وقت مجيء الإسلام إلى أن نزلت هذه السورة فهي مدة ليست بالقصيرة.
و ) كلاّ ( الثانية تأكيد ل ) كلا ( الأولى زيادة في الردع ليصير توبيخاً.
جملة :( إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ( وما عطف عليها ابتدائية وقد اشتملت الجملة ومعطوفاها على أنواع ثلاثة من الويل وهي الإهانة، والعذاب، والتقريع مع التأييس من الخلاص من العذاب.
فأما الإهانة فحجْبُهم عن ربهم، والحجب هو الستر، ويستعمل في المنع من