" صفحة رقم ٢٦٠ "
( لأن العرب تطلق عليها النجم علماً بالغَلبة )، وعن ابن عباس : أنه نجوم برج الجَدي، ولعل ذلك النجم كان معهوداً عند العرب واشتهر في ذلك في نجم الثريا.
وقيل : أريد بالطارق نوع الشهب ( أي لأن الشهاب ينقضّ فيلوح كأنه يَجري في السماء كما يسير السائر إذا أدركه الليل ). فالتعريف في لفظ ) النجم ( للاستغراق، وخص عمومه بوقوعه خبراً عن ضمير ) الطارق ( أي أن الشهاب عند انقضاضه يرى سائراً بسرعة ثم يغيب عن النظر فيلوح كأنه استقر فأشبه إسراع السائر ليلاً ليبلغ إلى الأحياء المعمورة فإذا بلغها وقف سيره.
وجواب القسم هو قوله :( إنْ كل نفس لمَا عليها حافظ ( جُعل كناية تلويحية رمزية عن المقصود. وهو إثبات البعث فهو كالدليل على إثباته، فإن إقامة الحافظ تستلزم شيئاً يحفظه وهو الأعمال خيرُها وشرُّها، وذلك يستلزم إرادة المحاسبة عليها والجزاء بما تقتضيه جزاء مُؤخراً بعد الحياة الدنيا لئلا تذهب أعمال العاملين سدى وذلك يستلزم أن الجزاء مؤخر إلى ما بعد هذه الحياة إذ المُشَاهَدُ تخلُّف الجزاء في هذه الحياة بكثرة، فلو أهمل الجزاء لكان إهماله منافياً لحكمة الإِلاه الحكيم مبدع هذا الكون كما قال :( أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً ( ( المؤمنون : ١١٥ ) وهذا الجزاء المؤخر يستلزم إعادة حياة للذوات الصادرة منها الأعمالُ.
فهذه لوازم أربعة بها كانت الكناية تلويحية رمزية.
وقد حصل مع هذا الاستدلال إفادةُ أن على الأنفس حفظةً فهو إدماج.
والحافظ : هو الذي يحفظ أمراً ولا يهمله ليترتب عليه غرض مقصود.
وقرأ الجمهور :( لَمَا ( بتخفيف الميم، وقرأه ابن عامر وحمزة وأبو جعفر وخلَف بتشديد الميم.
فعلى قراءة تخفيف الميم تكون ( إنْ ) مخففة من الثقيلة و ) لَمَا ( مركبة من اللام الفارقة بين ( إنْ ) النافية و ( إنْ ) المخففةِ من الثقيلة ومعها ( مَا ) الزائدة بعد اللام للتأكيد وأصل الكلام : إن كل نفس لَعَليْها حافظ.