" صفحة رقم ٢٨٦ "
وتعريف ) الأشقى ( تعريف الجنس، فيشمل جميع المشركين. ومن المفسرين من حمله على العهد فقال : أريد به الوليد بن المغيرة، أو عتبة بن ربيعة.
ووصْفُ ) الأشقى ( ب ) الذي يصلى النار الكبرى ( لأن إطلاق ) الأشقى ( في هذه الآية في صدر مدة البعثة المحمدية فكان فيه من الإِبهام ما يحتاج إلى البيان فأتبع بوصف يبيّنه في الجملة ما نزل من القرآن من قبل هذه الآية.
ومقابلة ) من يخشى ( ب ) الأشقى ( تؤذن بأن ) الأشقى ( من شأنه أن لا يخشى فهو سادر في غروره منغمس في لهوه فلا يتطلب لنفسه تخلصاً من شقائه.
ووصفُ النار ب ) الكبرى ( للتهويل والإِنذار والمراد بها جهنم.
وجملة ) ثم لا يموت فيها ولا يحيى ( عطف على جملة ) يصلى النار الكبرى ( فهي صِلة ثانية.
و ( ثم ) للتراخي الرتبي تدل على أن معطوفها متراخي الرتبة في الغرض المسوق له الكلام وهو شدة العذاب فإن تردد حالِه بين الحياة والموت وهو في عذاب الاحتراق عذاب أشدّ ممّا أفاده أنه في عذاب الاحتراق، ضرورة أن الاحتراق واقع وقد زيد فيه درجة أنه لا راحة منه بموت ولا مخلص منه بحياة.
فمعنى ) لا يموت ( : لا يزول عنه الإِحساس، فإن الموت فقدان الإِحساس مع ما في هذه الحالة من الأعجوبة وهي مما يؤكد اعتبار تراخي الرتبة في هذا التنكيل.
وتعقيبه بقوله :( ولا يحيى ( احتراس لدفع توهم أن يراد بنفي الموت عنهم أنهم استراحوا من العذاب لما هو متعارف من أن الاحتراق يُهلك المحرَق، فإذا قيل :( لا يموت ( توهَّم المنذَرون أن ذلك الاحتراق لا يبلغ مبلغ الإِهلاك فيبقى المحرق حياً فيظن أنه إحراق هيّن فيكون مسلاة للمهددين فلدفع ذلك عطف عليه ) ولا يحيى (، أي حياة خالصة من الآلام والقرينة على الوصف المذكور مقابلة ولا يحيى بقوله :( يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ).