" صفحة رقم ٢٨٧ "
وليس هذا من قبيل نفي وصفين لإثبات حالةٍ وسَطٍ بينَ حالتيهما مثل :( لا شرقية ولا غربية ( ( النور : ٣٥ ) وقول إحدى نساء أم زرع :( لا حَرّ ولا قُرّ ) لأن ذلك لا طائل تحته.
ويجوز أن نجعل نفي الحياة كناية عن نفي الخلاص بناء على أن لازم الإِحراق الهلاك ولازم الحياة عدم الهلاك.
وفي الآية مُحسِّن الطباق لأجل التضاد الظاهر بين ) لا يموت ( و ) لا يحيى ).
( ١٤، ١٥ )
استئناف بياني لأن ذكر ) من يخشى ( ( الأعلى : ١٠ ) وذكر ) الأشقى ( ( الأعلى : ١١ ) يثير استشراف السامع لمعرفة أثر ذلك فابتدىء بوصف أثر الشقاوة فوصف ) الأشقى ( بأنه ) يصلى النار الكبرى ( ( الأعلى : ١٢ ) وأخر ذكر ثواب الأتقى تقديماً للأهمّ في الغرض وهو بيان جزاء الأشقى الذي يتجنب الذكرى وبقي السامع ينتظر أن يعلم جزاء من يخشى ويتذكر. فلما وفي حق الموعظة والترهيبة استؤنف الكلام لبيان المثوبة والترغيب. فالمراد ب ) من تزكى ( هنا عين المراد ب ( من يخشى ويذكر ) فقد عرف هنا بأنه الذي ذكر اسم ربه، فلا جرم أن ذكر اسم ربه هو التذكر بالذكرى، فالتذكر هو غاية الذكرى المأمور بها الرسول ( ﷺ ) في قوله تعالى :( فذكر ( ( الأعلى : ٩ ).
وقد جُمعت أنواع الخير في قوله :( قد أفلح ( فإن الفلاح نجاح المرء فيما يطمح إليه فهو يجمع معنيي الفوز والنفع وذلك هو الظفر بالمبتغى من الخير، وتقدم في قوله تعالى :( وأولئك هم المفلحون في البقرة.
والإِتيان بفعل المضي في قوله أفلح ( للتنبيه على المحقق وقوعه من الآخرة، واقترانه بحرف ) قد ( لتحقيقه وتثنيته كما في قوله تعالى :( قد أفلح المؤمنون ( ( المؤمنون : ١ ) وقوله :( قد أفلح من زكاها ( ( الشمس : ٩ ) لأن الكلام موجه إلى الأشقَيْنَ الذين تجنبوا الذكرى إثارة لهمتهم في الإلتحاق بالذين خشوا فأفلحوا.
ومعنى ) تزكَّى ( : عالج أن يكون زكياً، أي بذل استطاعته في تطهير نفسه وتزكيتها كما قال تعالى :( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ( ( الشمس : ٩ ١٠ ).


الصفحة التالية
Icon