" صفحة رقم ٣٠٠ "
ونفي سماع ) لاغيةٌ ( مكنى به عن انتفاء اللغو في الجنة من باب :
ولا ترى الضب بها ينْجَحِر
أي لا ضَبّ بها إذ الضب لا يخلو من الإِنجِحَار.
واللغو : الكلام الذي لا فائدة له، وهذا تنبيه على أن الجنة دار جد وحقيقة فلا كلام فيها إلا لفائدة لأن النفوس فيها تخلصت من النقائص كلها فلا يلذّ لها إلا الحقائق والسمو العقلي والخُلُقي، ولا ينطقون إلا ما يزيد النفوس تزكية.
وجملة :( لا تسمع فيها لاغية ( صفة ثانية ل ) جنة ( ( الغاشية : ١٠ ) تُرك عطفها على الصفة التي قبلها لأن النعوت المتعددة يجوز أن تعطف ويجوز أن تفصل دون عطف قال في ( التسهيل ) :( ويجوز عطف بعض النعوت على بعض وقال المرادي في ( شرحه ) نحو قوله تعالى :( الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى ( ( الأعلى : ٢ ٤ ). وقال : ولا يعطف إلا بالواو ما لم يكن ترتيب : فبالفاء كقوله :
يا لهفَ زَيَّابَةَ للحارب ال
صابِح فالغانم فالآيب
قال السهيلي : والعطف ب ( ثم ) جوازه بعيد. اه. قال الدماميني : وكذا في الجمل نحو مررت برجل يحفظ القرآن ويعرف الفقه ويتقي إلى الله، قال : ونص الواحدي في قوله تعالى :( لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم ( ( آل عمران : ١١٨ ). أن لا يألونكم وما بعده من الجمل ( أي الثلاث ) لا يكون صفات، لعدم العاطف لكن ظاهر سكوت الجمهور عن وجوب العطف يشعر بجوازه فيها ( أي الجمل ) كالمفردات اه.
ابتدىء في تعداد صفات الجنة بصفتها الذاتية وهو كونها عالية، وثُني بصفة تنزيهها عمّا يعدّ من نقائص مجامع الناس ومساكن الجماعات وهو الغوغاء واللغو، وقد جردت هذه الجملة من أن تعطف على ) عالية ( ( الغاشية : ١٠ ) مراعاة لعدم التناسب بين المفردات والجمل وذلك حقيق بعدم العطف لأنه أشد من كمال الانقطاع في عطف الجمل.
وهذا وصف للجنة بحسن سكانها.