" صفحة رقم ٣٢١ "
وكان غزاه النبي ( ﷺ ) وفتحه سنة سبع فأسلم من فيه من العرب وصُولحت اليهود على جِزْيَةٍ.
والباء في قوله :( بالواد ( للظرفية.
والمراد ب ) فرعون ( هو وقومه.
ووصف ) ذي الأوتاد ( لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق، ويجوز أن يكون الأوتاد مستعاراً للتمكن والثبات، أي ذي القوة على نحو قوله :( ذات العماد (، وقد تقدم عند قوله تعالى :( كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذُو الأوتاد في ص.
وقوله : الذين طغوا في البلاد ( يجوز أن يكون شاملاً لجميع المذكورين عاد وثمود وفرعون. ويجوز أن يكون نعتاً لفرعون لأن المراد هو وقومه.
والطغيان شدّة العصيان والظلم ومعنى طغيانهم في البلاد أن كل أمة من هؤلاء طَغوا في بلدهم ؛ ولما كان بلدهم من جملة البلاد أي أرضي الأقوام كان طغيانهم في بلدهم قد أوقع الطغيان في البلاد لأن فساد البعض آئل إلى فساد الجميع بسَنِّ سنن السوء، ولذلك تسبب عليه ما فرع عنه من قوله :( فأكثروا فيها الفساد ( لأن الطغيان يجرِّىء صاحبه على دحض حقوق الناس فهو من جهة يكون قدوة سُوءٍ لأمثاله ومَلئهِ، فكل واحد منهم يطغى على من هو دونه، وذلك فساد عظيم، لأن به اختلال الشرائع الإلاهيّة والقوانين الوضعية الصالحة وهو من جهة أخرى يثير الحفائظ والضغائن في المطْغيّ عليه من الرعية فيُضمرون السوء للطاغين وتنطوي نفوسهم على كراهية ولاة الأمور وتربص الدوائر بها فيكونُون لها أعداء غير مخلصي الضمائر ويكون رجال الدولة متوجّسين منهم خيفة فيظنون بهم السوء في كل حال ويحْذَرُونهم فتتوزع قوة الأمة على أفرادها عوض أن تتّحد على أعدائها فتصبح للأمة أعداء في الخارج وأعداء في الداخل وذلك يفضي إلى فساد عظيم، فلا جرم كان الطغيان سبباً لكثرة الفساد.
ويجوز أن يكون التعريف في ) البلاد ( تعريف العهد، أي في بلادهم والجمع على اعتبار التوزيع، أي طغت كل أمة في بلادها.


الصفحة التالية
Icon