" صفحة رقم ٣٨١ "
) فأما ( تفريع وتفصيل للإِجمال في قوله :( إن سعيكم لشتى ( ( الليل : ٤ ) فحرف ( أمَّا ) يفيد الشرط والتفصيل وهو يتضمن أداة شرط وفعل شرط لأنه بمعنى : مَهما يكن من شيء، والتفصيل : التفكيك بين متعدد اشتركت آحاده في حالة وانفرَد بعضها عن بعض بحالة هي التي يُعتنَى بتمييزها. وقد تقدم تحقيقه عند قوله تعالى :( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه في سورة الفجر.
والمحتاج للتفصيل هنا هو السعي المذكور، ولكن جعل التفصيلُ ببيان الساعين بقوله : فأما من أعطى ( لأن المهم هو اختلاف أحوال الساعين ويُلازمهم السعي فإيقاعهم في التفصيل بحسب مساعيهم يساوي إيقاع المساعي في التفصيل، وهذا تفنن من أفانين الكلام الفصيح يحصل منه معنيان كقول النابغة :
وقَد خِفت حتى ما تزيد مخافتي
على وعللٍ في ذي المَطارة عَاقِل
أي على مخافة وَعِل.
ومنه قوله تعالى :( ولكن البر من آمن باللَّه واليوم الآخر إلخ في سورة البقرة.
وقوله تعالى : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللَّه واليوم الآخر ( ( التوبة : ١٩ ) الآية، أي كإيمان من آمن بالله.
وانحصر تفصيل ( شتى ) في فريقين : فريق ميسَّر لليسرى وفريق ميسَّر للعسرى، لأن الحالين هما المهم في مقام الحث على الخير، والتحذير من الشر، ويندرج فيهما مختلف الأعمال كقوله تعالى :( يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره في سورة الزلزلة ( ٦ ٨ ). ويجوز أن يجعل تفصيل شتى هم من أعطى واتّقى وصدّق بالحسنى، ومنْ بخل واستغنى وكذب بالحسنى وذلك عدد يصح أن يكون بياناً لشتّى.