" صفحة رقم ٤١٢ "
عليه وحي من هذا أكسبه شرحاً لصدره، وكان لحماية أبي طالب إياه وصده قريشاً عن أذاه منفس عنه، وأقوى مؤيد له لدعوته يَنشرح له صدره. وكلما آمن أحد من الناس تزحزح بعض الضيق عن صدره، وكانت شدة قريش على المؤمنين يضيق لها صدره فكلما خلُص بعض المؤمنين من أذى قريش بنحو عتق الصديق بلالاً وغيره، وبما بشره الله من عاقبة النصر له وللمؤمنين تصريحاً وتعريضاً نحو قوله في السورة قبلها :( ولسوف يعطيك ربك فترضى ( ( الضحى : ٥ ) فذلك من الشرح المراد هنا. وجماع القول في ذلك أنَّ تجليات هذا الشرح عديدة وأنها سر بين الله تعالى وبين رسوله ( ﷺ ) المخاطب بهذه الآية.
وأما وضع الوزر عنه فحاصل بأمرين : بهدايته إلى الحق التي أزالت حيرته بالتفكر في حال قومه وهو ما أشار إليه قوله تعالى :( ووجدك ضالاً فهدى ( ( الضحى : ٧ ) وبكفايته مؤنة كُلف عيشه التي قد تشغله عما هو فيه من الأنس بالفكرة في صلاح نفسه، وهو ما أشار إليه قوله :( ووجدك عائلاً فأغنى ( ( الضحى : ٨ ).
ورفْع الذكر مجاز في إلهام الناس لأن يذكروه بخير، وذلك بإيجاد أسباب تلك السمعة حتى يتحدث بها الناس، استعير الرفع لحسن الذكر لأن الرفع جعل الشيء عالياً لا تناله جميع الأيدي ولا تدوسه الأرجل. فقد فطر الله رسوله ( ﷺ ) على مكارم يعزّ وجود نوعها ولم يبلغ أحد شأوَ ما بلغه منها حتى لُقب في قومه بالأمين. وقد قيل إن قوله تعالى :( إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين ( ( التكوير : ١٩ ٢١ ) مراد به النبي ( ﷺ )
ومن عظيم رفع ذكره أن اسمه مقترن باسم الله تعالى في كلمة الإِسلام وهي كلمة الشهادة.
وروي هذا التفسير عن النبي ( ﷺ ) في حديث أبي سعيد الخدري عند ابن حبان وأبي يعلى قال السيوطي : وإسناده حسن، وأخرجه عياض في ( الشفاء ) بدون سند. والقول في ذكر كلمة ) لك ( مع ) ورفعنا ( كالقول في ذكر نظيرها مع قوله :( ألم نشرح ).
وإنما لم يُذكر مع ) ووضعنا عنك وزرك ( بأن يقال : ووضعنا لك وزرك للاستغناء بقوله :( عنك ( فإنه في إفادة الإِبهام ثم التفصيل مساوٍ لكلمة ) لك (،


الصفحة التالية
Icon